التهويل والتشنيع والإرجاف!
فحداني ذلك إلى جمع هذه الرسالة الموسومة ب : (إعلام أهل الملة بجواز الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير علة) ، وقد أودعتها من البراهين الجلية ما تثبت به الحجة على الخصم ، وضمنتها الجواب عن الشبه الواهية التي تشبثوا بها لمنع من الجمع.
ولا بد ـ أولا ـ من تحرير محل النزاع فنقول :
إعلم ـ رحمك الله ـ أنا معاشر الإمامية مطبقون على استحباب تفريق الصلوات الخمس في الحضر على المواقيت المعهودة ، وإتيان كل منها في وقت فضيلتها ، وكتبهم شاهدة بذلك ، وأحاديثهم في ذا الباب مستفيضة (١) ، وأن الجمع عندهم رخصة لا غير ، إلا في عصري يوم عرفة وعشاءي ليلة المزدلفة ، فإن الجمع عندهم سنة كما عليه سائر أهل الإسلام ، وإلا في عصر الجمعة ، فإن السنة عندهم جمعها مع الأولى لقيام الدليل على ذلك.
وقد خالفت فيه العامة :
فقالت : الحنفية : لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة والمزدلفة.
وأجازه الشافعي لعذر المطر ليلا كان أو نهارا.
ومنعه مالك في النهار وأجازه في الليل ، وأجازه أيضا في الطين دون المطر في الليل.
واختلفوا في عذر المرض ، فالمشهور من مذهب الشافعي والأكثرين أنه
__________________
(١) قال شيخنا الشهيد ـ رحمهالله ـ في (الذكرى) : ١١٩ ـ : بعد كلام له في استحباب التفريق ـ : وبالجملة كما علم من مذهب الإمامية جواز الجمع بين الصلاتين مطلقا ، علم منه استحباب التفريق بينهما بشهادة النصوص والمصنفات بذلك. انتهى.
وقال صاحب (العروة الوثقى) ـ من أئمتنا المتأخرين ـ : يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت كالظهرين والعشاءين. (كتاب الصلاة ـ فصل أوقات اليومية ونوافلها ـ مسألة ٧).