__________________
ولعل المصنف أراد تفصيل الإجابة عن ذلك الإشكال الذي تحدثنا نحن بالتفصيل عن أصله وكذا عن الرد عليه في مقال مستقل بعنوان : (علم الأئمة عليهمالسلام بالغيب) وقد طبع في الصفحات ٧ ـ ١٠٧ من هذا العدد من هذه المجلة الموقرة.
ومما ذكر ـ في هذه الرسالة ، وفي المقالة ـ ظهر ما في كلام السيد الطباطبائي ـ رضي الله عنه ـ حول علم النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام بالغيب في رسالته المفردة عن الموضوع ، حيث قال بعد تفريقه بين علم الله وبين علم الأئمة ، بالأصالة في الأول والاستقلالية به ، والفرعية في الثاني والتبعية به ، ما نصه :
إن من المعلوم أن الإنسان الفعال بالعلم والإرادة إنما يقصد ما يتعلق به علمه من الخير والنفع ، ويهرب مما يتعلق به علمه من الشر والضرر.
فللعلم أثر في دعوة الإنسان إلى العمل ، وبعثه نحو الفعل والترك بالتوسل بما ينفعه في جلب النفع أو دفع الضرر.
وبذلك يظهر أن علم الإنسان بالخير ، وكذا الشر والضرر في الحوادث المستقبلة إنما يؤثر أثره لو تعلق بها العلم من جهة إمكانها لا من جهة ضرورتها.
وذلك كأن يعلم الإنسان أنه لو حضر مكانا كذا في ساعة كذا من يوم كذا قتل قطعا ، فيؤثر العلم المفروض فيه ببعثه نحو دفع الضرر ، فيختار ذلك الحضور في المكان المفروض تحرزا من القتل.
وأما إذا تعلق بالضرر ـ مثلا ـ من جهة كونه ضروري الوقوع ، واجب التحقق ، كما إذا علم أنه في مكان كذا في ساعة كذا من يوم كذا مقتول لا محالة ، بحيث لا ينفع في دفع القتل عنه عمل ، ولا تحول دونه حيلة ، فإن مثل هذا العلم لا يؤثر في الإنسان أمرا ببعثه إلى نوع من التحرز والاتقاء ، لفرض علمه بأنه لا ينفع فيه شئ من العمل ، فهذا الإنسان مع علمه بالضرر المستقبل يجري في العمل مجرى الجاهل بالضرر.
إذا علمت ذلك ، ثم راجعت الأخبار الناصة على أن الذي علمهم الله تعالى من العلم بالحوادث لا بداء فيه ولا تخلف ، ظهر لك اندفاع ما ورد على القول بعلمهم بعامة الحوادث من :
(أنه لو كان لهم علم بذلك لاحترزوا مما وقعوا فيه من الشر ، كالشهادة قتلا بالسيف ، وبالسم ، لحرمة إلقاء النفس في التهلكة)!
وجه الاندفاع : أن علمهم بالحوادث علم بها من جهة ضرورتها ، كما هو صريح نفي