__________________
البداء عن علمهم.
والعلم الذي هذا شأنه لا أثر له في فعل الإنسان ببعثه إلى نوع من التحرز ، وإذا كان الخطر بحيث لا يقبل الدفع بوجه من الوجوه ، فالابتلاء به وقوع في التهلكة ، لا إلقاء في التهلكة!
قال تعالى : (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم).
|
رسالة في علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام عليه السلام بالغيب ، للسيد محمد حسين الطباطبائي ، تحقيق رضا الأستادي ، طبع مع الرسائل الأربعة عشر ، جماعة المدرسين ـ قم ١٤١٥ ه. |
أقول : وجوه النظر فيه عديدة ، هي :
١ ـ عدم فرضه أن ما وقعوا فيه ، مما عده الأغيار تهلكة وشرا وضررا ، إنما هو في اعتبار الأئمة عليهمالسلام خير وبر ورحمة ، كما هو عند الأخيار كافة.
٢ ـ فرضه أن ما جرى على الأئمة من قبيل ضروري الوقوع ، واجب التحقق ، وأنه لا بداء فيه ، يقتضي الجبر لعدم تمكنهم من التخلص منه.
وهو مناف لصريح الروايات الدالة على اختيارهم لما وقع ، وأنهم لو شاؤوا لم يقع.
٣ ـ وفرضه أن العالم بالضرر يجري في العمل مجرى الجاهل ، ينافي إثبات العلم لهم ، فإنه لو فقد أثره لم يفرق في ذلك في مقام العمل بينه وبين الجاهل ، فمحاولة فرضه وإثباته لغو لا محالة.
٤ ـ وفرضه أن علمهم لا بداء فيه ، مخالف للنصوص الدالة على أنهم يختارون ذلك رغبة في لقاء الله ، ورفضا للحياة الدنيا ، مع تخييرهم في ذلك.
٥ ـ وفرضه أن ما جرى عليهم وقوع في التهلكة ، ينافي إصرارهم عليهمالسلام على ما أقدموا عليه ورفضهم لكل أنواع التحذيرات والتوسل بهم لدفعهم على الامتناع ، كما أعلنت عنها السيرة الشريفة لكل منهم.
٦ ـ وأما استشهاده بالآية ، فغير مرتبط بالمقام ، لأنها :
أولا : في مقام تبكيت المنافقين الذين قد أهمتهم أنفسهم والذين يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية.
فأين هؤلاء من الذين طلبوا الشهادة ، واستيقنت بها أنفسهم ، وأعلنوها (فوزا) مقسمين