الحقيقة ، في ذكر مواجهة الإمام الحسين عليهالسلام لجواب الناصحين له بعدم الخروج ، والمتنبئين بأن مصيره (القتل) فكان الجواب الحاسم :
(أن الحسين عليهالسلام إذا كان خارجا لأداء واجب الدعوة إلى الله ، فلا يكون خروجه لغوا ، ولا يحق لأحد أن يعاتبه عليه ، لأنه إنما يؤدي بإقدامه واجبا إلهيا ، وضعه الله على الأنبياء وعلى الأئمة من قبل الحسين عليهالسلام ، ومن بعده.
وإذا أحرز الإمام تحقق شرط ذلك ، وتمت عنده العدة ـ ولو الظاهرية ـ للخروج ، من خلال العهود والمواثيق ومجموعة الرسائل والكتب التي وصلت إليه.
فهو لا محالة خارج ، ولا تقف أمامه العراقيل المنظورة له والواضحة ، فضلا عن تلك المحتملة والقائمة على الفرض والتخمين ، مثل الغدر به ، أو قتله وهلاكه! ذلك الذي عرضه الناصحون.
فيكف لو كان المنظور هو (الشهادة) والقتل في سبيل الله ، التي هي من أفضل النتائج المتوقعة والتي يترقبها الإمام ، والمطلوبة لمن يدخل هذا السبيل ، ويسير في هذا الطريق الشائك.
مع أن الشهادة مقضية ومأمور بها ، ويحتاج إلى توفيق عظيم لنيلها ، فهي إذن من صميم الأهداف التي كان يضعها الإمام الحسين عليهالسلام نصب عينيه ، ويسعى لطلبها ، لا أنها موانع في طريق إقدامه!
وأما أهل العراق وسيرتهم ، وأنهم أهل النفاق والشقاق ، وعادتهم الغدر والخيانة ، فهي أمور لا تعرقل خطة الإمام في قيامه بواجبه ، وإن كان فيها ضرر متصور ، فهي على حياة الإمام ، وتمس راحته ، وليس هذا مهما في مقابل أمر القيادة الأهم ، وأداء واجب الإمامة الإلهي ، حتى يتركها من أجل ذلك.
ولذلك لم يترك الإمام علي عليهالسلام أهل الكوفة بالرغم من إظهاره استياءه منهم إلى حد الملل والسأم! ولكن لا يجوز له ـ شرعا ـ أن يترك موقع