النبي والإمام يجب أن يعلما علوم الدين والشريعة.
ولا يجب أن يعلما الغيب ، وما كان ، وما يكون.
لأن ذلك يؤدي إلى أنهما مشاركان للقديم تعالى في جميع معلوماته ، ومعلوماته لا تتناهى ، وإنما يجب أن يكونا عالمين لأنفسهما ، وقد ثبت أنهما عالمان بعلم محدث.
والعلم لا يتعلق ـ على التفصيل ـ إلا بمعلوم واحد ، ولو علما ما لا يتناهى ، لوجب أن يعلما وجود ما لا يتناهى من المعلومات ، وذلك محال.
ويجوز أن يعلما الغائبات والكائنات الماضيات ، والمستقبلات ، بإعلام الله تعالى لهما شيئا منها.
وما روي أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يعلم أنه مقتول ، وأن قاتله ابن ملجم : فلا يجوز أن يكون عالما بالوقت الذي يقتله فيه على التمييز ، لأنه لو علم ذلك لوجب عليه أن يدفعه عن نفسه ، ولا يلقي بيده إلى التهلكة! وإن هذا ـ في علم الجملة ـ غير واجب (٣٧).
إن ما أثبته الشيخ ابن شهرآشوب موافق لما سبق ذكره سوى نقطة واحدة :
فما ذكره من نفي (علم الغيب بالاستقلال) عن الأئمة مجمع عليه بين المسلمين : وذلك لما ذكرنا في صدر هذا البحث من دلالة الآيات الكريمة على اختصاص ذلك بالله تعالى.
مضافا إلى ما ذكره ابن شهرآشوب من الاستدلال العقلي بأن النبي والإمام محدود متناه ، والغيب لا حد له ، ولا يمكن أن يحيط المحدود باللا منتهي.
__________________
(٣٧) متشابه القرآن ومختلفه : ٢١١.