ثم ما ذكره من إمكان علم الغيب بإعلام الله تعالى :
هو أيضا مما أجمعت عليه الطائفة ، ودلت عليه الآيات الكريمة التي ذكرناها في صدر البحث.
وأما التفرقة بين علم الإمام بالحوادث ، وخصوصا ما يرتبط بقتله ، من الالتزام بالتفصيل في غير وقت القتل ، والالتزام بالإجمال فيه.
فهذا أيضا قد سبق قول المرتضى فيه ، والتزامه.
وقد أضاف ابن شهرآشوب تصريحا بأن على فرض علم الإمام بوقت قتله بالعلم الاجمالي ، فلا يرد عليه اعتراض الالقاء في التهلكة ، لأن الدفع حينئذ غير واجب لفرض الاجمال فيه وعدم معرفته الأمر بالتفصيل.
وإنما اختص ابن شهرآشوب بالتزامه بالاعتراض على تقدير علم الإمام بوقت قتله تفصيلا ، فقال : (فلا يجوز أن يكون عالما بالوقت الذي يقتله فيه على التمييز ، لأنه ـ لو علم ذلك ـ لوجب عليه أن يدفعه عن نفسه ، ولا يلقي بيده إلى التهلكة).
وهذه هي النقطة التي خالف فيها ابن شهرآشوب من سبقه ، لأن المفيد الذي أشار إلى مسألة علم الجملة ، قال بإمكان القول بالتفصيل ، ومنع كون ذلك من الالقاء في التهلكة ، لإمكان التعبد بالصبر على القتل للإمام.
وحتى المرتضى ـ الذي التزم بالجملة ، ونفى التعبد ـ لم يصرح بالتزامه اعتراض الالقاء في التهلكة على تقدير التفصيل ، فلعله دفعه بأحد الوجوه الكثيرة المتصورة ، والتي يكون تحمل القتل بها أمرا حسنا أيضا ولو بغير التعبد!
ولعل ابن شهرآشوب عد فقدان الإمام ضررا وتهلكة فحكم فيه بوجوب الدفع ، وعدم الالقاء ، محافظة على وجوده الشريف لأداء مهمات الإمامة.
لكن إطلاق لفظ (الضرر) ولفظ (التهلكة) على ما جرى على الإمام ممنوع ، مطلقا :
فإنه إذا علم الإمام إرادة الله تعالى لما يجري عليه ، مع أنه يعلم ما فيه