من المصلحة للدين والأمة ، والمصلحة لنفسه الشريفة بالفوز بالشهادة ورفع الدرجات والكرامة الإلهية ، بانقياده المطلق لأوامر الله تعالى ، وتسليمه المطلق لله ، ورضاه بما يرضاه تعالى ، فلا ريب ، أن لا يكون في ما يقدم عليه أي ضرر ، ولا يمكن أن يسمى ذلك تهلكة بأي وجه ، إلا في المنظار المادي ، والدنيوي.
ونظرة إلى قصة إبراهيم ، وولده الذبيح إسماعيل ، عليهماالسلام ، التي جاءت في القرآن الكريم ، حين أمر الله إبراهيم بذبح ابنه ، فقال تعالى في نهايتها : (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين) الآيات (١٠٣ ـ ١٠٦) من سورة الصافات (٣٧) ... فقد سمى الله ذلك تسليما ، وتصديقا ، وإحسانا ، وجعه (بلاء مبينا) مع أنه لم يتحقق فيه ذبح ، بل فدي إسماعيل بذبح عظيم.
فإذا لم يكن ما جرى على إسماعيل إلقاء في التهلكة وكان شرعيا؟!
فلماذا لا يكون ما جرى على أهل البيت عليهمالسلام من القتل ـ بأنواعه ـ أمرا شرعيا متعبدا به ، وقد تعبد به إبراهيم من قبل؟!
ولماذا لا يكون ما فعلوه تسليما ، وتصديقا لقضاء الله ، وإحسانا؟! وقد تحملوه في سبيل الله ، وأهداف الدين السامية؟
وأما (البلاء) هنا فهو (أبين) لأنه قد تحقق ، وأريقت دماء آل بيت الرسول عليهم الصلاة والسلام ، ولم يفد عنهم بشئ!
مع أن عمل الإمام ، لم يكن امتحانا خاصا وفرديا ، بل هو عمل أعظم وأهم ، لكونه إحياء للإسلام ولرسالة الله الخالدة.
فإذا علم الإمام بتفصيل أسباب ما يجري عليه من الحوادث ، ونتائجه الباهرة ، فهو أحرى أن ينقاد لامتثال ذلك والإطاعة لإرادة الله ، وعمل في مثل هذه العظمة والأهمية ، لا يكون الموت من أجله (تهلكة).