نعم ، يمكن أن يكون اليهودي أو بناته ـ على ما روي ـ اجتهدوا في سحره صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يقدروا عليه ، وأطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على ما فعلوه من التمويه حتى استخرج ، وكان ذلك دلالة على صدقه ـ كما قال الإمام الطبرسي رحمهالله في تفسيره الكبير (١٠٤) ـ لكن لا يدل ذلك على كون النفاثات في الآية هن بنات لبيد كما توهم ، كيف وأن جل من ذكروا القصة أسند فعل السحر إلى ابن أعصم لكونه هو الذي تولاه؟! وهذا مما يعضد الإشكال الذي بيناه آنفا.
هذا كله مضافا إلى أن ابن جرير الطبري ـ مع إمامته وتقدمه في علم التفسير ـ لم يذكر في تفسيره (جامع البيان) قصة السحر ولم يومئ إليها ، وصنيعه هذا مشعر بعدم اعتماده واعتداده في شأن نزول المعوذتين على تلك الواقعة المحكية ، وهذا مما يوهن مذهب المثبتين لحديث السحر من أهل نحلته وإن أخرجه الشيخان في الصحيحين ، فتنبه.
__________________
(١٠٤) مجمع البيان ١٠ / ٥٦٨.