وحكى الإمام الطبرسي ـ رحمهالله ـ في (مجمع البيان) (١٠٠) عن أبي مسلم : أن النفاثات النساء اللاتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم إلى آرائهن ، لأن العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد ، فعبر عن حلها بالنفث ، فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه. انتهى.
وسيأتي في كلام شيخ الإسلام البهائي ـ رحمهالله ـ : أن الأمر بالاستعاذة من سحرهن لا يدل على تأثير السحر فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو كالدعاء في (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (١٠١).
على أن المتأمل يعلم أن القول بكون النفاثات هن السواحر لا يوافق القول بأن المعوذتين إنما أنزلتا في قصة سحر لبيد بن أعصم اليهودي ، إذ لو كان ذلك حقا لكان ينبغي التعوذ من شر السحرة النفاثين لا السواحر النفاثات.
ولعل الآلوسي تنبيه لذلك حيث اختار في (تفسيره) (١٠٢) : أن المراد بالنفاثات النفوس السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها.
قال : فالنفاثات صفة للنفوس ، واعتبر ذلك لمكان التأنيث ، مع أن تأثير السحر إنما هو من جهة النفوس الخبيثة والأرواح الشريرة وسلطانه منها ، وجعل هذا التقدير أولى من تقدير بعضهم النساء موصوفا ليشمل الرجال ويتضمن الإشارة السابقة ويطابق سبب النزول ، فإن الذي سحره صلى الله عليه وآله وسلم كان رجلا على المشهور وقيل أعانه بعض النساء. انتهى.
وسبقه إلى ذلك ابن القيم في (تفسير المعوذتين) (١٠٣) وكأنه أخذه منه ، والله أعلم.
__________________
(١٠٠) مجمع ا لبيان ١٠ / ٥٩٦.
(١٠١) سورة البقرة : ٢ : ٢٨٦.
(١٠٢) روح المعاني ٣٠ / ٢٨٢.
(١٠٣) تفسير المعوذتين ٤٣ ـ ٤٤.