* ثم ألم يكن في إخفاء صفحات هامة من السيرة تغييرا لوجه السيرة ، وعرضها بوجه جديد مخالف لوجهها الحقيقي؟ فكيف يعد هذا مسلكا وسطا؟!
* ويزيد في تغيير وجه السيرة ما يقع أثناء الحديث من ذكر لموقف اشترك فيه مع علي بن أبي طالب رجل آخر ، فحين يحذف اسم علي سيبرز الآخر في صورة جديدة لم تكن هي الصورة التي تحققت في الواقع.
فحين يذكر الزهري أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر أبا بكر على الحج (٣٠) ، ثم يخفي ما وراءها من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بعث عليا عليهالسلام على أثره وأمره أن يأخذ منه (براءة) فيبلغها في الموسم ، فعاد أبو بكر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أنزل في شئ يا رسول الله؟
فقال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا ، ولكني أمرت ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني) (٣١). إنه عندما يقطع هذا الجزء فسوف تظهر الواقعة بوجه آخر.
إن الذي سخر منه الزهري آنفا من قول بني أمية في كاتب الكتاب يوم الحديبية (٣٢) ، قد وقع في مثله في مواضع كثيرة من مغازيه ... وأكثر هذه المواقع وضوحا ما نقله في سد أبواب المسجد ، فقال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (سدوا هذه الأبواب الشوارع في
__________________
(٣٠) المصنف ٥ / ٣٨٢.
(٣١) هذا الحديث في : مسند أحمد ١ / ٣ ، ٣٣١ و ٣ / ٢١٢ ، ٢٨٣ و ٤ / ١٦٤ ، ١٦٥ ، سنن الترمذي ٥ / ح ٣٧١٩ ، سنن النسائي ـ كتاب الخصائص ـ ٥ / ح ٨٤٦١ ، جامع الأصول ٩ / ح ٦٤٩٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٩ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٦ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٠.
(٣٢) تقدم قول الزهري : إن كاتب الكتاب يوم الحديبية هو علي ، ولو سألت بني أمية لقالوا : هو عثمان!