ومن أمثلة تلك الروايات المتهافتة الروايات التي تنتهي إلى سيف بن عمر ، فلعله لم يعرف في التاريخ روايات أضعف منها سندا ولا أشد منها نكارة!!
فسيف بن عمر معروف عند أهل الجرح والتعديل بلا خلاف بينهم ، أنه : متروك كذاب ، يضع الحديث ، متهم بالزندقة (٥٤).
أضف إلى ذلك أن الرجل الذي روى كتب سيف ـ وهو شعيب بن إبراهيم ـ هو رجل مجهول ليس بالمعروف (٥٥).
لكن هذه المعرفة بحال سيف بن عمر وراوي كتبه لم تمنع أكابر المؤرخين من اعتماده بالدرجة الأولى وخاصة في أكثر مراحل التاريخ الإسلامي حساسية ، وهي المرحلة التي سنعرف بها في النقطة التالية.
٢ ـ إن أكثر مراحل التاريخ الإسلامي حساسية هي المرحلة التي تبتدئ بمرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاته وابتداء عهد الخلافة وما نجم فيها من خلافات وفتن ابتداء بأحداث سقيفة بني ساعدة لانتخاب أول الخلفاء ، وانتهاء بمعركة الجمل التي قادها نصف من بقي من أعضاء الشورى ، فيما اعتزل الربع الآخر ـ سعد بن أبي وقاص ـ ولكن كان قلبه ولسانه مع الربع المستهدف في تلك الحرب ـ علي بن أبي طالب عليهالسلام ـ.
وقد تمخضت تلك المرحلة عن أحداث كانت بمثابة النواة الأولى لأول خلاف وقع بين المسلمين ، ذلك الخلاف الذي أخذ ينمو مع الزمن ومع تعاقب الأحداث ، ومع نموه كان يظهر في الميدان مزيد من الأهواء التي اتخذت
__________________
(٥٤) أنظر ترجمته في ميزان الاعتدال ٢ / ٢٥٥ رقم ٣٦٣٧.
(٥٥) ميزان الاعتدال ٢ / ٢٧٥ رقم ٣٧٠٤ ، لسان الميزان ٣ / ١٧٦ رقم ٤١٠٠.
(٥٦) كان أعضاء الشورى ستة نفر من كبار المهاجرين وهم : علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ، فتوفي عبد الرحمن وعثمان وبقي الأربعة المذكورون.