مضافا إلى أن بين الخبرين المتقدمين تهافتا بينا ، ففي الأول أن جبرئيل عليهالسلام هو الذي تولى قراءة المعوذتين ، وفي هذا أن عليا عليهالسلام هو الذي قرأهما ، وعليك بالتأمل والتروي فيما روي في هذا الباب علك تهتدي إلى علل أخرى ، والله المستعان.
وفي كتاب طب الأئمة عليهمالسلام أيضا (١٤) عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ـ من حديث ـ قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سحره لبيد بن أعصم اليهودي ، فقال أبو بصير لأبي عبد الله عليهالسلام : وما كاد أو عسى أن يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : بلى ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يرى أنه يجامع وليس يجامع ، وكان يريد الباب ولا يبصره حتى يلمسه بيده ، والسحر حق ، وما يسلط السحر إلا على العين والفرج ـ الحديث ـ.
ومع غض الطرف عن إرساله ، أفليس ـ يا أولي الألباب ـ أن من يرى أنه يفعل الشئ ولا يفعله قد بلغ السحر منه مبلغا عظيما وأخذ بروحه بحيث يتخيل ذلك؟! وحاشا أشرف الخلائق وأكملهم على الإطلاق صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذا التخبيط والتخليط.
وفي كتاب (دعائم الإسلام) (١٥) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن علي عليهالسلام : أن لبيد بن أعصم وأم عبد الله اليهوديين لما سحرا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جعلا السحر في مراقي بئر بالمدينة ، فأقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب ، فنزل عليه جبرئيل ، بمعوذات ـ الحديث ـ.
وهذا خبر آحاد مرسل لا يحتج بمثله في هذه المقامات ، على أن هذا
__________________
(١٤) طب الأئمة : ١١٤.
(١٥) دعائم الإسلام ١ / ١٣٨ ح ٤٨٧.