قال ابن سعد : ويقال الذي استخرجه قيس بن محصن الزرقي (٣٩).
وقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر : وفي رواية عمرة عن عائشة (فنزل رجل فاستخرجه) (٤٠).
وأنت خبير بأن هذا الاختلاف في المستخرج ينبئ عن تحقق أصل الخراج ، إذ لولاه لما كان وجه للاختلاف فيه ، على أن في أكثر أحاديث الباب دلالة على استخراج السحر ونقضه ـ كما تقدم ويأتي إن شاء الله ـ.
وبالجملة : فثاني الحديثين يدفع أولهما الصريح في عدم استخراج السحر ، والمخالف لغيره من النقول الدالة على استخراجه وحله فيسقط عن الاعتبار ، لأن ذلك قد استفاض من طرق مخالفينا واشتهر.
ومن ثم رجحوا رواية سفيان بن عيينة التي أثبت فيها إخراج السحر وجعل سؤال عائشة عن النشرة ، لتقدمه في الضبط على رواية عيسى بن يونس التي نفى فيها السؤال عن النشرة وجعل سؤال عائشة عن الاستخراج (٤١).
قال الحافظ ابن حجر (٤٢) : ويؤيده أن النشرة لم تقع في رواية أبي أسامة ، والزيادة من سفيان مقبولة لأنه أثبتهم ، ولا سيما أنه كرر استخراج السحر في روايته مرتين فيبعد من الوهم ، وزاد ذكر النشرة وجعل جوابه صلىاللهعليهوآله وسلم ب (لا) بدلا من الاستخراج. انتهى.
ولما أشكل ذلك على المتعبدين بحديث عائشة في الصحيحين انبروا للجمع بينهما : بأن الاستخراج المثبت هو استخراج الجف من البئر ، والمنفي استخراج ما حواه (٤٣).
__________________
(٣٩) فتح الباري ١٠ / ٢٤٠.
(٤٠) فتح الباري ١٠ / ٢٤١ ، دلائل النبوة ٧ / ٩٢.
(٤١) فتح الباري ١٠ / ٢٤٥ ، إرشاد الساري ٨ / ٤٠٦.
(٤٢) فتح الباري ١٠ / ٢٤٥.
(٤٣) فتح الباري ١٠ / ٢٤٥ ، إرشاد الساري ٨ / ٤٠٦ ، تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : ٤٥ ـ ٤٦.