ويقدح فيه ما مر آنفا من أن في بعض أحاديث الباب ـ ومنها حديث الصحيحين ـ إشعارا باستكشاف ما كان داخل الجف من المشط والمشاطة وتمثال الشمع والإبر والوتر ، فتنبه.
قال الشيخ الإمام أبو جعفر الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ في كتاب (الخلاف) (٤٤) ـ بعد ما ذكر رواية الجمهور حديث زيد بن أرقم في السحر ـ :
وهذه أخبار آحاد لا يعمل عليها في هذا المعنى ، وقد روي عن عائشة أنها قالت : سحر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فما عمل فيه السحر ، وهذا يعارض ذلك. انتهى.
قلت : ويؤيده ما أخرجه ابن سعد عن الواقدي بسند له إلى عمر بن الحكم مرسل ـ كما في فتح الباري (٤٥) ـ قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم من سنة سبع جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم ـ وكان حليفا في بني زريق وكان ساحرا ـ فقالوا له : يا أبا الأعصم أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمدا فلم نصنع شيئا ... إلى آخره.
وقال الإمام العلامة ابن المطهر رحمهالله (٤٦) : هذا القول عندي باطل ، والروايات ضعيفة ، خصوصا رواية عائشة. انتهى.
هذا شأن حديث الباب في الصحيحين اللذين أجمعوا على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى ـ كما زعم النووي (٤٧) ـ فلا يغرنك ـ بعدما حصحص لك الحق وصرح عن محضه ـ قول ابن قيم الجوزية (٤٨) : قد اتفق
__________________
(٤٤) الخلاف ج ٣ ـ كتاب كفارة القتل ـ مسألة ١٤.
(٤٥) فتح الباري ١٠ / ٢٣٧.
(٤٦) منتهى المطلب في تحقيق المذهب ٢ / ١٠١٤ كتاب التجارة ـ المكاسب المحرمة.
(٤٧) شرح صحيح مسلم ١ / ٢٠.
(٤٨) تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : ٤٦.