الأئمة ، وإيجاب الإمامة أيضا (٥١).
إذن حين أسند وجوب نصب الإمام إلى الشريعة ، فهل هناك ما نلتمس منه أن الشريعة قد تقدمت خطوة أخرى لأجل التفصيل في هذا الوجوب ، كتعيين شرائط الإمامة وفي من تكون ، أم تركت ذلك للأمة تختار لنفسها؟! إن النظرية التي نعيش معها تقول بأن الأمر متروك للأمة! وهنا وقع اضطراب كبير عند البحث عن الدليل الشرعي في تفويض هذا الأمر إلى الأمة ، وعند محاولة إثبات شرعية الأسلوب الذي سوف تسلكه الأمة في الاختيار.
لقد رأوا في قوله تعالى : (وأمرهم شورى بينهم) (٥٢) أفضل دليل شرعي يدعم هذه النظرية ، ومن هنا قالوا : إن أول وجوه انتخاب الخليفة هو الشورى.
لكن ستأتي الصدمة لأول وهلة حين نرى أن مبدأ الشورى هذا لم يطرق أذهان الصحابة آنذاك ..
فانتخاب أول الخلفاء كان بمعزل عن هذا المبدأ تماما ، فإنما كان «فلتة» كما وصفه عمر ، وهو الذي ابتدأه وقاد الناس إليه!
ثم كان انتخاب ثاني الخلفاء بمعزل أيضا عن هذا المبدأ!
نعم ، ظهر هذا المبدأ لأول مرة على لسان عمر في خطبته الشهيرة التي ذكر فيها السقيفة وبيعة أبي بكر فحذر من العودة إلى مثلها ، فقال : «فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه ، تغرة أن
__________________
(٥١) الفصل ٤ / ٨٧ ـ ٨٨ ـ وقد علق السنهوري على هذا قائلا : ومنهم من يضيف إلى إجماع الصحابة والأجيال اللاحقة مصادر أخرى لوجوب الخلافة ، كبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يفسرها البعض على وجوب الخلافة ، وإن كان الظاهر أن هذا الرأي ليس هو الراجح من مذهب أهل السنة. (فقه الخلافة وتطورها : ٦٨).
(٥٢) سورة الشورى ٤٢ : ٣٨.