بوضوح على عدم اعتقادهما بصلاحية الشورى لحل هذا الأمر ، في ذلك الزمان على الأقل.
بل كان عمر صريحا كل الصراحة في ذلك حين قال : «لو كان سالم حيا لما جعلتها شورى»!! (٦٣).
إن عهدا كهذا ليلغي رأي الأمة بالكامل ، وحتى الجماعة التي يطلق عليها (هل الحل والعقد)!
* قالوا : إذا عهد الخليفة إلى آخر بالخلافة بعده ، فهل يشترط في ذلك رضى الأمة؟
فأجابوا : إن بيعته منعقدة ، وإن رضى الأمة بها غير معتبر ، ودليل ذلك : أن بيعة الصديق لعمر لم تتوقف على رضى بقية الصحابة! (٦٤).
لم يكن إذن لقاعدة الشورى أثر في تعيين الخليفة.
نعم ، كان للشورى أثر في ما هو دون ذلك ، فربما لجأ الخليفة إلى الشورى في بعض ما ينتابه من أمور طارئة لا يملك لها حلا عاجلا أو تاما ، أما أن تكون الشورى على رأس النظام السياسي وقد اتفق المسلمون على اعتمادها في تعيين الخليفة ، فهذا ما لم يتحقق في عهود الخلافة الأولى ولا بعدها ، إلا ما كان بعد مقتل عثمان ، إذ حصل شبه الإجماع لدى أهل المدينة المنورة بالبيعة لعلي عليهالسلام ، ولكن حتى هذا لم يأخذ أول الأمر شكل الشورى ، ثم هو لم يدم آخر الأمر غير ليال حتى خرج عليه كبار الداعين إليه ، طلحة والزبير.
لعل هذه الملاحظات هي التي دفعت ابن حزم إلى تأخير مبدأ الشورى وتقديم النص والتعيين الصريح من قبل الخليفة السابق ، فقال : «وجدنا عقد
__________________
(٦٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٢٤٨.
(٦٤) مآثر الإنافة ١ / ٥٢ ، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : ١٠ ، الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٥ و ٢٦.