هذا المبدأ الأخير إلى أن تصبح الخلافة وراثة بحتة لا أثر للدين فيها.
مصير شروط الإمامة :
يقول الشيخ محمد رشيد رضا : بنو أمية هم الذين زحزحوا بناء السلطة الإسلامية عن أساس الشورى ، إذ كونوا لأنفسهم عصبية بالشام هدموا بها سلطة أولي الأمر بالحيلة والقوة (٦٦).
لكن هذه الطريقة لم تسقط الشورى وحدها ، بل أسقطت معها أهم شروط الإمامة الواجبة لصحة عقدها ، والتي منها :
١ ـ العدالة : إذ قالوا أولا في بناء نظرية الخلافة : لا تنعقد إمامة الفاسق ، لأن المراد من الإمام مراعاة النظر للمسلمين ، والفاسق لم ينظر لنفسه في أمر دينه ، فكيف ينظر في مصلحة غيره؟! (٦٧).
وقالوا : إن هذا الفسق يمنع من انعقاد الإمامة ، ومن استدامتها ، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها (٦٨).
٢ ـ الاجتهاد : إذ عدوا في شروط الإمام : أن يكون من أفضلهم في العلم والدين ، والمراد بالعلم هو العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام ، فلا تنعقد إمامة غير العالم بذلك ، لأنه محتاج لأن يصرف الأمور على النهج القويم ويجريها على السراط المستقيم ، ولأن يعلم الحدود ويستوفي الحقوق ويفصل الخصومات بين الناس ، وإذا لم يكن عالما مجتهدا لم يقدر على ذلك (٦٩).
__________________
(٦٦) تفسير المنار ٥ / ١٩٨.
(٦٧) مآثر الإنافة ١ / ٣٦ ، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : ٦ ، الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٠.
(٦٨) الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : ١٧.
(٦٩) مآثر الإنافة ١ / ٣٧ ، الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٠.