لكن سرعان ما انهارت هذه الشروط حين تغلب على الخلافة رجال لم يكن فيهم شئ منها ، لا العدالة ، ولا العلم المؤدي إلى الاجتهاد ..
قال الفراء : قد روي عن الإمام أحمد ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل ، فقال : «ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين ، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما عليه ، برا كان أو فاجرا ، فهو أمير المؤمنين»! (٧٠).
وقال القلقشندي : إن لم يكن الخليفة المتغلب بالقهر والاستيلاء جامعا لشرائط الخلافة ، بأن كان فاسقا أو جاهلا ، فوجهان لأصحابنا الشافعية ، أصحهما : انعقاد إمامته أيضا! (٧١).
التبرير :
إن مثل هذا الرأي الذي ينقض شرائط الخلافة بعد أن نقض أساسها ، لا بد له من تبرير مقبول.
والتبرير الذي قدمته نظريتنا هنا هو : «الاضطرار»!
لأنا لو قلنا : لا تنعقد إمامته ، لزم ذلك بطلان أحكامه كلها المالية والمدنية ، فيتعين على الخليفة الذي يأتي بعده وفق الشروط الشرعية أن يقيم الحدود ثانيا ، ويستوفي الزكاة والجزية ثانيا ، وهكذا (٧٢).
والضرورة أيضا تقتضي صحة خلافته : لحفظ نظام الشريعة ، وتنفيذ أحكامها (٧٣) ، ولأنه لا بد للمسلمين من حاكم (٧٤).
__________________
(٧٠) الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٠.
(٧١) مآثر الإنافة ١ / ٥٨.
(٧٢) أنظر : مآثر الإنافة ١ / ٥٨.
(٧٣) مآثر الإنافة ١ / ٧١.
(٧٤) الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٤.