أنه لا يصح مطلقا ، لا متنا ولا إسنادا ، بل هو مما عملته أيدي الوضاعين المقبوحين ـ أخزاهم الله تعالى ـ.
وليت شعري ، كيف تغافل أئمة الحديث وجهابذة النقاد من أهل السنة والجماعة عن التنبيه على اختلاق هذا الحديث الباطل ، وهم يعرفون هذا الأمر (كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن).
ولعل التحفظ على كرامة هؤلاء العشرة حجزهم على التصريح بذلك ، فأغروا العامة باعتقاد لا أصل له ، وهذا من الخيانة ، وإنها لبئست البطانة (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار).
والمقصود في هذه الرسالة الإبانة عما في هذا الحديث ، والكلام عليه بما يقتضيه الحق والإنصاف ، متنكبا سبيل التعنت والاعتساف إن شاء الله تعالى.
فإن قال قائل : ما أنكرتم من حديث العشرة المبشرة ، وقد وقعت البشارة بالجنة على لسان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لآحاد من الصحابة أيضا من غير العشرة ، كعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وزيد بن صوحان وبلال الحبشي وعبد الله بن سلام وغيرهم رضياللهعنهم ، بل روي التبشير لبعض التابعين كأويس القرني رحمهالله تعالى.
قلنا : لسنا نجحد شيئا من ذلك البتة ، بل نقطع بالجنة لكل من ثبتت له شهادة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بها ، وإنما الشأن كله في تبشير أولئك النفر على السياق المذكور في الحديث.
على أنه لم ترد البشارة لأكثرهم في غير حديث الباب الذي سنزيح لك عنه غبار الشبهة ، لتقف على جلية حاله وتستبين كنهه ، فتنبه.
إذا تقرر هذا لديك فينبغي أولا التنبيه على شناعة صنيع الوضاعين ،