فمن تلك الواقعة أولا جاءت نظرية الشورى بين أهل الحل والعقد.
عليه أن ينفي «الإجماع على أن النص منتف في حق أبي بكر» (٩٢)! لقد ساق الغزالي كلاما موافقا لهذا الإجماع قوض فيه ما بنى عليه ابن حزم قوله ..
قال الغزالي متسائلا : فهلا قلتم : إن التنصيص واجب من النبي والخليفة ، كي يقطع ذلك دابر الاختلاف؟!
ثم أجاب قائلا : قلنا إنه لو كان واجبا لنص عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم ينص هو ، ولم ينص عمر أيضا (٩٣).
وحين يواصل ابن حزم عرض نظريته تراه يلغي بالكامل مبدأ الشورى واختيار أهل الحل والعقد ، ويسند أمر اختيار الخليفة إلى النص!
ولم يكن هذا الطرح منسجما مع هذه المدرسة ومبادئها ، وإنما هو محاولة لسد ثغراتها ، ومقابلة للإلحاح الذي تقدمه النظرية الأخرى القائمة على أساس النص ، ولقطع دابر النزاع ، كما ذكر هو ، وكما أشار الغزالي في تساؤله.
أنه كان مقتنعا بضرورة النص ، ولكنه أراد نصا منسجما مع الأمر الواقع ، وإن لم يسعفه الدليل!!
إقرار بقدر من النص :
لم يختف النص إلى الأبد في هذه النظرية ، والشورى هنا ليست مطلقة العنان ، فليس لأهل الحل والعقد أن ينتخبوا من شاءوا بلا قيد.
إن هناك حدا تلتزمه الشورى ، وهذا الحد إنما رسمه النص الثابت.
قالوا : إن من شرط الإمامة : النسب القرشي ، فلا تنعقد الإمامة بدونه ..
وعللوا ذلك بالنص الثابت فيه ، فقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(٩٢) شرح المقاصد ٥ / ٢٥٥.
(٩٣) الاقتصاد في الاعتقاد : ١٥١.