قال : وهذا لا تقوم به حجة في ذلك ، لأنه خرج مخرج التمثيل ، للمبالغة في إيجاب السمع والطاعة (١٠٠).
وثبت النص واستقر ، ولا غرابة ، فهو نص صحيح ، بل متواتر.
وهو فوق ذاك ينطوي على فائدة أخرى ، فهو النص الذي يعزز أركان هذه النظرية ، إذ يضفي الشرعية على الخلافة في كافة عهودها ، ابتداء من أول عهود الخلافة الراشدة! وانتهاء بآخر خلفاء بني العباس ، فهذا كل ما يتسع له لفظ القرشية هنا.
لما تغلب معاوية بالسيف بلغه أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان ، فهب معاوية غضبا فجمع الناس وخطبهم قائلا : أما بعد ، فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله ، أولئك جهالكم! فإياكم والأماني التي تضل أهلها ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إن هذا الأمر في قريش. لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه» (١٠١).
وقفة مع هذا النص :
عرف المهاجرون القرشيون الثلاثة ـ أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ـ هذا النص فاحتجوا به على الأنصار في السقيفة ، فأذن الأنصار ، وعاد القرشيون بالخلافة ، أبو بكر ، ثم عمر ، ثم مالت عن عبيدة ، لا لعدم كفاءته وهو القرشي المهاجر ، بل لأنه قد توفي في خلافة عمر ، فلما حضرت عمر الوفاة تأسف عليه ، وقال : «لو كان أبو عبيدة ، حيا لوليته» (١٠٢) .. والأمر ماض مع
__________________
(١٠٠) مقدمة ابن خلدون : ٢١٤ ـ ٢١٥ فصل ٢٦.
(١٠١) صحيح البخاري ـ كتاب الأحكام ـ باب ٢ ح ٦٧٢٠.
(١٠٢) مسند أحمد ١ / ١٨ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٦٥ ، صفة الصفوة ١ / ٣٦٧ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٠.