الجحيم والفوز بجنات النعيم ، والحق مع علي يدور معه حيث دار (١٢٧)؟!
الرابع : لو كان الحديث صحيحا ـ كما زعموا ـ لكان الأمان من عذاب الله لأبي بكر وعمر وعثمان به حاصلا ، ولما جزعوا عند احتضارهم من لقاء الله تعالى واضطربوا من قدومهم على أعمالهم مع اعتقادهم أنها مرضية لله سبحانه ، ولا شكوا بالظفر بثواب الله عزوجل ، ولجروا في الطمأنينة لعفو الله تعالى ـ لثقتهم بخبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مجرى أمير المؤمنين عليهالسلام في التضرع إلى الله عزوجل في حياته أن يقبضه الله تعالى إليه ويعجل له السعادة بما وعده من الشهادة ، وعند احتضاره أظهر من سروره بقرب لقائه برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واستبشاره بالقدوم على الله عزوجل لمعرفته بمكانه ومحله من ثوابه ، كيف؟! ومن أطاع الله أحب لقاءه ومن عصاه كره لقاءه.
قال المفيد رحمهالله تعالى في «الإفصاح» (١٢٨) : والخبر الظاهر أن أبا بكر جعل يدعو بالويل والثبور عند احتضاره ، وأن عمر تمنى أن يكون ترابا عند وفاته ، وود لو أن أمه لم تلده ، وأنه نجا من أعماله كفافا ، لا له ولا عليه ، وما ظهر من جزع عثمان بن عفان عند حصر القوم له ، وتيقنه بهلاكه (١٢٩) دليل على أن القوم لم يعرفوا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما تضمنه الخبر من استحقاقهم الجنة على كل حال ، ولا أمنوا من عذاب الله سبحانه لقبيح ما وقع منهم من الأعمال. انتهى.
__________________
(١٢٧) إشارة إلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : رحم الله عليا ، اللهم أدر الحق معه حيث دار ، أخرجه الترمذي في سننه ، وراجع ج ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٦ من كتاب «فضائل الخمسة من الصحاح الستة» تجد الحديث بألفاظه المختلفة.
(١٢٨) الإفصاح : ٧٣.
(١٢٩) راجع كتاب «السبعة من السلف من الصحاح الستة» : ١٦ ، ١٧ ، ٤٣ ، ١١٤.