الحاكم من طرق الحديث ، ولذا كان الإشكال من ناحية «يحيى بن يعلى الأسلمي» فقط.
لكن هذا الإشكال مندفع كذلك لوجوه.
الأول : إن الحافظين أبا نعيم وابن عساكر لم يتكلما في سند هذا الحديث أصلا ، وقد رأينا ابن عساكر كيف نبه ـ في الحديث الأول ـ على أن «فيه غير واحد من المجهولين» فلو كان «يحيى» هذا ضعيفا لكان أولى بالتنبيه عليه. ورأينا أيضا كيف يذكر أبو نعيم للحديث طرقا عدة ، عن جماعة من الأعلام ، ولا يتعرض لشئ قادح في سنده. أما قوله : «غريب من حديث أبي إسحاق» فقد عرفت معناه ، على أن «أبا إسحاق» وهو السبيعي غير موجود في بعض الطرق الأخرى.
والثاني : إن تضعيف «يحيى بن يعلى الأسلمي» معارض بتصحيح الحاكم للحديث ، الدال على ثقته.
والثالث : إن الرجل من رجال البخاري في «الأدب المفرد» والترمذي في (صحيحه) ومن مشايخ كثير من الأعلام كأبي بكر ابن أبي شيبة وأقرانه (٣٤).
والرابع : إن غاية ما هناك تعارض الجرح والتعديل في حق الرجل ، لكن الجارح هو «أبو حاتم» القائل : «ضعيف الحديث ، ليس بالقوي» وابن حبان القائل في «الضعفاء» : «يروي عن الثقات المقلوبات ، فلا أدري ممن وقع ذلك ، منه أو من الراوي عنه أبي ضرار بن صرد ، فيجب التنكب عما رويا» والبزار القائل : «يغلط في الأسانيد» والبخاري القائل : «مضطرب الحديث» (٣٥).
__________________
(٣٤) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٦٦.
(٣٥) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٦٦.