قدم قياسا على تقديمه إلى الصلاة ، فباطل بيقين ، لأنه ليس كل من استحق الإمامة في الصلاة يستحق الإمامة في الخلافة ، إذ يستحق الإمامة في الصلاة أقرأ القوم وإن كان أعجميا أو عربيا ، ولا يستحق الخلافة إلا قرشي ، فكيف والقياس كله باطل؟!) (٣).
* والشيخ أبو زهرة ينتقد هذا النوع من القياس ووجه الاستدلال به ، فيقول : اتخذ بعض الناس من هذا ـ النص ـ إشارة إلى إمامة أبي بكر العامة للمسلمين ، وقال قائلهم : (لقد رضيه (ع) لديننا ، أفلا نرضاه لدنيانا) ولكنه لزوم ما ليس بلازم ، لأن سياسة الدنيا غير شؤون العبادة ، فلا تكون الإشارة واضحة .. وفوق ذلك فإنه لم يحدث في اجتماع السقيفة ، الذي تنافس فيه المهاجرون والأنصار في شأن القبيل الذي يكون منه الخليفة ، أن احتج أحد المجتمعين بهذه الحجة ، ويظهر أنهم لم يعقدوا تلازما بين إمامة الصلاة وإمرة المسلمين (٤).
والذي يستشف من كلامه استبعاد صحة نسبة هذا الكلام إلى الإمام علي (ع) ، فهذه النسبة لا تحتمل الصحة ، لما ثبت في الصحاح من أن عليا (ع) لم يبايع إلا بعد ستة أشهر (٥) ، كما أن الصحيح المشهور عن علي (ع) خلاف ذلك ، فجوابه كان حين بلغه احتجاج المهاجرين بأن قريشا هم قوم النبي وأولى الناس به ، قال : (احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة)! (٦).
__________________
(٣) الفصل ٤ / ١٠٩.
(٤) المذاهب الإسلامية : ٣٧.
(٥) صحيح البخاري ـ باب غزوة خيبر / ح ٣٩٩٨ ، صحيح مسلم ـ كتاب الجهاد والسير ٣ / ١٣٨٠ ح ٥٢ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٠٠.
ورواه أصحاب التاريخ أيضا : الطبري ٣ / ٢٠٢ ، ابن الأثير / الكامل في التاريخ ٢ / ٣٣١ ، ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٦ / ٤٦.
(٦) نهج البلاغة : ٩٧ الخطبة ٦٧ ، وانظر : الإمامة والسياسة ـ لابن قتيبة ـ : ١١.