للحديث مخرجا من النقص والتقصير ، وذلك أن آخره : أن رسول الله (ص) لما وجد إفاقة وأحس بقوة خرج حتى أتى المسجد وتقدم فنحى أبا بكر عن مقامه وقام في موضعه. فلو كانت إمامة أبي بكر بأمره (ص) لتركه على إمامته وصلى خلفه ، كما صلى خلف عبد الرحمن بن عوف (١٣).
ب ـ مما يعزز القول المتقدم ما ورد عن ابن عباس من أنه قبل أن يؤذن بلال لتلك الصلاة قال النبي (ص) : (ادعوا عليا). فقالت عائشة : لو دعوت أبا بكر! وقالت حفصة : لو دعوت عمر! وقالت أم الفضل : لو دعوت العباس! فلما اجتمعوا رفع رسول الله (ص) رأسه فلم ير عليا!! (١٤).
ج ـ ويشهد لذلك كله ما ثبت عن علي (ع) من أنه كان يقول : إن عائشة هي التي أمرت بلالا أن يأمر أباها ليصل بالناس ، لأن رسول الله (ص) قال : (ليصل بهم أحدهم) ولم يعين!! وكان علي (ع) يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا ، ويقول : إنه (ص) لم يقل : (إنكن لصويحبات يوسف) إلا إنكارا لهذه الحال ، وغضبا منها لأنها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما ، وأنه (ص) استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب (١٥).
فهذه صور منسجمة ومتماسكة لا تبقي أثرا للاستفادة من هذا النص أو تلك الواقعة ، ويمكن أن يضاف إليها ملاحظات أخر ذات قيمة لا يستهان بها :
منها : الاختلاف الشديد والتعارض بين روايات هذه الواقعة ، وقد صرح بهذا ابن حجر العسقلاني ، ثم حاول التوفيق بينها بعد جهد (١٦).
__________________
(١٣) ابن الإسكافي / المعيار والموازنة ٤١ ـ ٤٢.
(١٤) مسند أحمد ١ / ٣٥٦ ، وأخرجه الطبري في تاريخه ٣ / ١٩٦ ولم يذكر فيه قول أم الفضل.
(١٥) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٩ / ١٩٧.
(١٦) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٣.