كما تجيبنا قراءتنا في (هوية التاريخ) عن أهم ما يعترضنا هنا ، وهو : كيف أصبح هؤلاء جميعا في عداد رجال الشيخين ـ البخاري ومسلم ـ فيما أقصي آخرون لا يقاس هؤلاء بهم ، كالإمام جعفر الصادق (ع) ، الذي كان ينبغي أن يكون حديثه أكثر اعتمادا ، إذ لا يفصله عن البخاري سوى واسطة أو واسطتين ، توفي الصادق (ع) سنة ١٤٨ ه ، وولد البخاري سنة ١٩٤ ه!
هذا النص ، الذي جاء بهذه السلسلة الوحيدة ، هو الذي رأى فيه ابن حزم وغيره نصا جليا على خلافة أبي بكر! (٣٨) غير أن الجرجاني والتفتازاني لم يذكراه ، فيما ذكرا نصوصا كثيرة أضعف منه سندا ، وأقل منه دلالة! (٣٩).
٢ ـ قالت عائشة : قال لي رسول الله (ص) في مرضه : (ادعي لي أبا بكر أباك ، حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) (٤٠).
أسند مسلم هذا الحديث كما يلي : عبيد الله بن سعيد ، عن يزيد بن هارون ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة.
__________________
والحق أن هذه الرواية فيها أكثر مما تقدم ، فهي تذكر بعد هؤلاء جماعة ، منهم : سعيد بن المسيب ، وتقول إنه نجا من الأمويين لأنه كان آخر أصحاب رسول الله! وهذا لا يصح ، لأن سعيد بن المسيب تابعي وليس صحابي! وهذا أيضا وقف عليه المحقق التستري في ترجمة سعيد بن المسيب من (قاموس الرجال).
(٣٨) الفصل ٤ / ١٠٨. وانظر أيضا : تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ٩٠ ـ ٩١ رقم ٥٦ ، نظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة : ٣٩.
(٣٩) أنظر : الجرجاني / شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، التفتازاني / شرح المقاصد ٥ / ٢٦٣ ـ ٣٦٧.
(٤٠) صحيح البخاري ـ كتاب الأحكام ـ باب الاستخلاف ج ٦ ح ٦٧٩١ ، صحيح مسلم ـ باب فضائل أبي بكر ج ٥ ح ٢٣٨٧ والنص منه.