وديارهم وأموالهم ، وهو المراد بقوله : (ليستخلفنهم في الأرض). وقوله : (كما استخلف الذين من قبلهم) يعني بني إسرائيل ، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر ، وأورثهم أرضهم وديارهم ، فقال : (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها) (٥٣). وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين ، ثم إن الله تعالى أمنهم ومكنهم وملكهم ، فصح أن الآية عامة لأمة محمد (ص) غير مخصوصة ، إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب له التسليم ، ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم) (٥٤).
وهذا يعني بوضوح أن الخطاب غير محصور بالصحابة رضياللهعنهم ، بل هو عام لكل أمة محمد في كل زمان (٥٥).
والثاني : ما ذكروه في سبب نزول الآية ، فإنه منطبق تماما على ما ذكر آنفا ، لا يساعد على تخصيصها في الخلفاء الراشدين أو بعضهم ، وإن كان فيه ما يفيد تخصيصها بالنبي (ص) وأصحابه (٥٦).
ففي رواية البراء ، قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد.
وفي رواية أبي العالية ، يصف حال أصحاب الرسول وهم خائفون ، يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح ، فشكوا ذلك إلى النبي (ص) فأنزل الله الآية ، فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب ، فأمنوا ووضعوا السلاح.
__________________
(٥٣) سورة الأعراف ٧ : ١٣٧.
(٥٤) تفسير القرطبي ١٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧. وانظر أيضا : الميزان في تفسير القرآن ١٥ / ١٦٧ ، الإفصاح في الإمامة ـ للشيخ المفيد ـ : ٩١ ـ ١٠٠ ، فتح القدير (تفسير الشوكاني) ٤ / ٤٧.
(٥٥) فتح القدير ٤ / ٤٧.
(٥٦) كما تقدم في آخر الكلام المنقول عن القرطبي ، وهو ما ذهب إليه محمد جواد مغنية في تفسيره الكاشف ٥ / ٤٣٦.