إمامتهم وخلافتهم (٦١).
والصحيح الذي يوافق تاريخ نزول الآية الكريمة ، ويوافق الوقائع ، هو ما ذكره الرازي من أن الداعي هو النبي (ص) (٦٢) ، إذ كانت الآية المذكورة نازلة في الحديبية بلا خلاف ، وهي في سنة ست للهجرة ، وبعدها غزا النبي هوازن وثقيف وهم أولو بأس شديد ، في وقعة حنين الشهيرة وذلك بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة ، وفتح مكة هو الآخر دعوة إلى قتال قوم أولي بأس شديد قاتلوا الإسلام وأهله حتى أظهره الله عليهم في الفتح ، ثم كانت غزوة مؤتة الشديدة ، ثم غزوة تبوك وهي المعروفة بجيش العسرة ، التي استهدفت محاربة الروم على مشارف الشام ، ثم دعاهم مرة أخرى لقتال الروم في جيش أسامة الذي جهزه وأمر بإنفاذه وشدد على ذلك في مرضه الذي توفي فيه.
فكيف يقال إن النبي (ص) لم يدعهم إلى قتال بعد نزول الآية؟!
ولأجل الفرار من هذا المأزق ذهبوا إلى آية سورة التوبة النازلة في المخلفين : (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) (٦٣).
قال ابن حزم بعد أن ذكر هذه الآية ما نصه : وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك التي تخلف فيها الثلاثة المعذورون الذين تاب الله عليهم في سورة براءة ، ولم يغز (ع) بعد غزوة تبوك إلى أن مات (ص). وقال تعالى أيضا : (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم
__________________
(٦١) الفصل ٤ / ١٠٩ ـ ١١٠ ، شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٦٦.
(٦٢) تفسير الرازي ٢٨ / ٩٢ ـ ٩٣.
(٦٣) سورة التوبة ٩ : ٨٣.