وجدير بالتذكير أن ابن تيمية الذي كان من أوسع الناس تأويلا لهذا الباب من الحديث ، حفظا للمذهب ، هو من أشد الناس طعنا في التأويل وأكثرهم تمسكا حرفيا بظواهر مفردات النص ، في باب الصفات خاصة ، حفظا لمذهبه في التجسيم!
وأخرى :
النص المعارض كان يخوض المعركة جنبا إلى جنب مع تأويل النص وتكذيب الحدث ..
فلما كان الحديث الصحيح حديث السيدة صفية ، تسأل النبي (ص) قبيل وفاته : إن حدث بك حدث فإلى من؟ فيقول : (إلى علي بن أبي طالب) (٢٤٦).
جاء الحديث المعارض (إن لم تجديني فأت أبا بكر) عن سلسلة من الرواة ذوي الأهواء الأموية (٢٤٧) ، جاء ليذاع ويشتهر فيكتسح الحديث الأول ، حتى أتى الشيخان فوجداه مألوفا على ألسن الرواة ومنهم من لا يتهم بكذب ، فأدخلاه في المختار من صحيحيهما ..
ولما كان حديث عائشة في تكذيب أحاديث الوصية ، هو المنسجم مع العهد الجديد دون حديث السيدة أم سلمة ، فكان لا بد أن يذاع بواسطة عروة ابن الزبير والزهري وأصحابهما ، إلى صدور الحفاظ وبطون الدواوين ، حتى يجده الشيخان أولى بالنقل من غيره (٢٤٨).
__________________
(٢٤٦) مسند أحمد ٦ / ٣٠٠.
(٢٤٧) راجع ص ٢٠٩ ـ ٢١١ من هذا البحث.
(٢٤٨) راجع ص ٢٥٢ من هذا البحث.