أبو سعيد الخدري فشهد له عند عمر ، فقال عمر : خفي علي هذا من أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ألهاني الصفق بالأسواق! (١).
فهذه سنة مشهورة كان يتعلمها أصاغر القوم ، وقد خفيت عليه ..
وكذا غاب عنه حكم السقط ، حتى أخبره المغيرة ومحمد بن مسلمة بقضاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، وغير ذلك أيضا.
فهذه نافذة مطلة على حقيقة واقعة ، وهي أن الصحابي ليس بوسعه أن يحيط بجميع السنة ، أقوال النبي وأفعاله وتقريراته ، فمنها ما يغيب عنه ، فلا يشهده ، ولا يسمع به بعد ذلك إلا في نازلة كهذه.
وأيضا فهم في ما يشهدونه على تفاوت كبير في الحفظ والوعي :
قال البراء بن عازب : ما كل الحديث سمعنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان يحدثنا أصحابنا ، وكنا مشتغلين في رعاية الإبل (٣).
وقال مسروق ـ التابعي ـ : جالست أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فكانوا كالإخاذ (٤) ، الإخاذة تروي الراكب ، والإخاذة تروي الراكبين ، والإخاذة لو نزل بها أهل الأرض لأصدرتهم ، وإن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ من تلك الإخاذ (٥).
ومسروق أيضا قال : شاممت أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدت
__________________
(١) صحيح البخاري ـ الاعتصام بالكتاب والسنة ـ باب ٢٢ ح ٦٩٢٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٦.
(٢) صحيح البخاري ـ الاعتصام بالكتاب والسنة ـ باب ١٣ ح ٦٨٨٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٧ ـ ٨.
(٣) المستدرك ، وتلخيصه ١ / ٣٢٦.
(٤) الإخاذ : واحدها إخاذة ، وهي الغدير.
(٥) الطبقات الكبرى ٢ / ٣٤٣.