* ومن عني بالحديث ونشره صدر بحقه قرار الحبس في المدينة مع الإنذار والتهديد.
* وما كتب منها تعرض للحرق والإتلاف ، دون تمييز بين الأحكام والفرائض ، وبين الآداب والمفاهيم والعقائد ، فكان الحرق والإتلاف يقعان على الكتاب بمجرد العثور عليه ، دون أدنى نظر فيه ، كما مر عن عمر في ما جمعه من كتب الحديث التي كتبها بعض الصحابة.
وروي شئ من ذلك عن عبد الله بن مسعود ، في حديث عبد الرحمن الأسود عن أبيه ، قال : جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن ، صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت ، بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاستأذنا على عبد الله فدخلنا عليه فدفعنا إليه الصحيفة ، فدعا الجارية ثم دعا بطست فيه ماء ، فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن ، انظر ، فإن فيها أحاديث حسانا .. فجعل يميثها فيها ويقول : (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بما سواه!! (١).
لكن قد ثبت عن ابن مسعود أيضا خلاف ذلك ، إذ أخرج ابنه عبد الرحمن كتابا وحلف أنه خط أبيه بيده (٢).
فهذان موقفان متناقضان لابن مسعود من التدوين ، على فرض صحة الروايتين معا ، ويمكن تفسير هذا التناقض بوجوه ، منها :
أ ـ أنه قد عدل عن رأيه ، فأجاز الكتابة ، وكتب بنفسه بعد أن كان يمنع منها.
__________________
(١) تقييد العلم : ٥٤ ، وانظر : أصول الحديث ١٥٥ ـ ١٥٦.
(٢) جامع بيان العلم : ٨٧ ح ٣٦٣.