ب ـ أن يكون قد كتب لنفسه خاصة لأجل أن يحفظ فلا ينسى ، كما كان يفعل بعضهم إذ يكتب ليحفظ ثم يمحو ما كتب.
ج ـ أن يكون واثقا بحفظه وصحة ما يكتبه ، شاكا بضبط غيره إلى حد جعله كالمتيقن من تسرب الوهم والغلط إليهم ، لشدة اعتداده بضبطه ، كما هو شأنه المعروف في القرآن الكريم إذ كان قد غضب غضبا شديدا على عثمان حين أسند مهمة جمع المصحف إلى زيد بن ثابت ولم يسندها إليه ، فكان يقول : لقد قرأت من في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبعين سورة وزيد له ذؤابة يلعب مع الغلمان! (١).
د ـ أن يكون موقفه من تلك الصحيفة التي أماثها عائدا إلى موضوعها ، فهي صحيفة جمعت أحاديث في موضوع واحد ، وهو موضوع منازل وفضائل أهل البيت عليهمالسلام ، فأماثها لأجل اختصاصها بهذا الموضوع ، وليس لكونها صحيفة جمعت شيئا من الحديث النبوي.
ولعل هذا هو أضعف الوجوه ، خصوصا حين ينسب إلى عبد الله بن مسعود الذي ورد عنه حديث كثير في فضائل أهل البيت عليهمالسلام ، وقد أثبت في مصحفه (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ـ أن عليا مولى المؤمنين ـ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (٢).
ه ـ أن يكون معتقدا جواز التدوين فكتب بناء على اعتقاده هذا ، وهو في الوقت ذاته متحفظ من نشر كتب الحديث لعلة كان يراها ، وقد كشف هنا عنها بقوله : (القلوب أوعية ، فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بما
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ٣٨٩ و ٤٠٥ و ٤١٤ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤٧٢.
(٢) الشوكاني / فتح القدير ٢ / ٦٠.