فهل كانت المصلحة في ما يحبون؟! أم كان الخير كله في ما يكرهون؟!
ولئن كان الذي رآه عمر مصلحة عاجلة ، هو حقا كما رآه ، فلسريعا ما كان مفتاحا لمفسدة وأي مفسدة!
إنه الباب الذي كان مهيئا لكل ذي ضغينة على هذه الرسالة وصاحبها أن يقتحموه إلى حيث يطمحون ، ألم يكن هو الباب إلى (الرزية ، كل الرزية)؟!
هذا ما قاله حبر الأمة ابن عباس (١) ، وهو الذي نقشته الأحداث على جبين التاريخ الإسلامي ، أحب ذلك أحد أم كره!
* ولقد أخذ عمر على نفسه مرة رده على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بحسب تقديره للمصلحة ، وذلك في قصة الحكم بن كيسان ، إذ جئ به أسيرا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوه إلى الإسلام ، فأطال ، فقال عمر : علام تكلم هذا يا رسول الله؟! والله لا يسلم هذا آخر الأبد ، دعني أضرب عنقه ويقدم على أمه الهاوية!
فكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقبل على عمر ، حتى أسلم الحكم!
قال عمر : فما هو إلا أن رأيته أسلم حتى أخذني ما تقدم وما تأخر ، وقلت : كيف أرد على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرا هو أعلم به مني ، ثم أقول إنما أردت بذلك النصيحة لله ولرسوله؟!
قال عمر : فأسلم والله ، فحسن إسلامه ، وجاهد في الله حتى قتل
__________________
(١) صحيح البخاري / كتاب المرضى ـ باب ١٧ ح ٥٣٤٥ ، صحيح مسلم ٣ ح ١٦٣٧ ، مسند أحمد ١ / ٢٢٢.