أما دعوى أن عثمان وعليا لم يعطيا أحدا من هذا الصنف ، فقد أجيب عنها ، بأنها (لا تدل على ما ذهبوا إليه من سقوط سهم المؤلفة قلوبهم ، فقد يكون ذلك لعدم وجود الحاجة إلى أحد يتألفوه آنذاك ، وهذا لا ينافي ثبوته لمن احتاج إليه من الأئمة ، على أن العمدة في الاستدلال هو الكتاب والسنة ، فهما المرجع الذي لا يجوز العدول عنه بحال) (١).
وفسر بعضهم رأي عمر بأنه اجتهاد منه ، إذ رأى أنه ليس من المصلحة إعطاء هؤلاء بعد أن ثبت الإسلام في أقوامهم ، وأنه لا ضرر يخشى من ارتدادهم عن الإسلام.
وعلى هذا فلا يعد سهم المؤلفة قلوبهم ساقطا ليقال بمعارضة الكتاب والسنة ، وإنما توقف العمل به لانتفاء موضوعه ، وإذا ما وجدت الحاجة إليه عاد للظهور في أي زمان ومكان.
وبهذا قال بعض فقهاء الجمهور (٢) ، وهو جيد حين يكون تقدير الموضوع دقيقا وحكيما ، فيكون حكمه حكم سهم (الرقاب) المخصص لتحرير الرقيق ، حين يمر على المسلمين عهد ليس فيهم رقيق يطلب عتقهم ، فسوف يتوقف العمل بهذا السهم ولكن من غير أن يكون ذلك ناسخا للحكم.
لكن السؤال ما زال قائما : هل كانت علة هذا الحكم هي ضعف الإسلام وحاجته إلى قوة هؤلاء ، لا غير ، لينتفي عند انتفاء علته؟! قال بعض فقهاء الجمهور : إن المقصود من دفعها إليهم ترغيبهم في
__________________
(١) سيد سابق / فقه السنة ١ / ٣٤٣.
(٢) الدكتور وهبة الزحيلي / الفقه الإسلامي وأدلته ٢ / ٨٧٢ ، محمد رشيد رضا / المنار ١٠ / ٤٩٦ و ٤٩٧.