يرون ـ أي في الجاهلية ـ أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض. ويجعلون المحرم صفرا (١) ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر (٢)، وانسلخ صفر ، حلت العمرة لمن اعتمر.
فقدم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم! فقالوا : يا رسول الله! أي الحل؟! قال : (الحل كله) (٣).
وفي حديث البراء ، قالوا : كيف نجعلها عمرة (٤) وقد أحرمنا بالحج؟! فقال لهم صلىاللهعليهوآلهوسلم : (انظروا الذي آمركم به فافعلوه) فردوا عليه القول ، فغضب ، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان ، فرأت الغضب في وجهه ، فقالت : من أغضبك؟! أغضبه الله!
قال : (وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع؟!) (٥).
فهل يصح أن يقال : كان هذا الخلاف والرد على الرسول اجتهادا ، ولأجل المصلحة التي رآها هؤلاء الصحابة؟!
__________________
(١) وهذا هو النسئ الذي كانوا يفعلونه ، يؤخرون المحرم ويقدمون مكانه صفرا ليحلونه.
(٦) يريدون : إذا شفيت ظهور الإبل من (الدبر) الذي يصيبها من أثر الحمل ومشقة السفر ، وذلك بعد الانصراف من الحج ، وعندئذ يكون أثر سيرها قد ذهب وامحى من الطرق لطول المدة.
(٣) صحيح البخاري / ٢ ـ كتاب الحج ـ باب ٣٣ ح ١٤٨٩ ، صحيح مسلم / ٣ ـ كتاب الحج ـ باب ٣١ ح ١٩٨ (١٢٤٠).
(٤) وفي لفظ البخاري عن جابر (متعة) بدل (عمرة). صحيح البخاري ح ١٤٩٣.
(٥) مسند أحمد ٤ / ٢٨٦ ، سنن ابن ماجة ح ٢٩٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ٤٩٨ وقال الذهبي : هذا حديث صحيح من العوالي.