غيره) (١). أما أن يكرر لفظ الطلاق ثلاث مرات ، فهذا طلاق واحد ، والتكرار هذا (لعب بكتاب الله) كما وصفه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم! (٢).
ولقد كان هذا النوع الأخير من الطلاق ، والمعروف بالطلاق الثلاث في مجلس واحد ، معدودا طلاقا واحدا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر ، حتى قال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم)! فأمضاه عليهم (٣).
فهذا الذي أمضاه عمر ، ومضى عليه أصحاب المذاهب الأربعة ، ولم يخالف فيه إلا نفر من فقهائهم (شذوا في ذلك)! منهم ابن تيمية وابن القيم ، ووافقهم بعض المتأخرين ، هذا الحكم سوف يترتب عليه حكم آخر هو في غاية الخطورة والشناعة :
فالطلاق الثالث لا رجعة بعده حتى تتزوج المرأة رجلا آخر ، ويقع بينهما طلاق بائن ، بخلاف الطلاق الأول إذ لهما أن يتراجعا ما لم تنقض العدة ، فبحسب اجتهاد عمر أعطي الطلاق ـ الذي كان أولا بحكم القرآن والسنة ـ حكم الطلاق الثالث ، فمنع رجوع الزوجين ، وأوجب نكاحا جديدا!
وأغرب ما قاله المتأخرون في تبرير هذا الاجتهاد ، قول ابن القيم بأن هذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان!!
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٣٠.
(٢) سنن النسائي ـ كتاب الطلاق ـ ٣ باب ٧ ح ٥٥٩٤ ، إرشاد الساري ٨ / ١٢٨ ولفظه : (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!) ، تفسير ابن كثير ١ / ٢٧٨.
(٣) صحيح مسلم ـ كتاب الطلاق ـ باب طلاق الثلاث ح ١٤٧٢ ، مسند أحمد ١ / ٣١٤ ، سنن البيهقي ٧ / ٣٣٦ ، وصححه الحاكم والذهبي على شرط الشيخين في المستدرك ٢ / ١٩٦.