المرحلة الثانية
السنة في عهد الإمام علي عليهالسلام
علي عليهالسلام له مع السنة علاقة أخرى ، يميزها بعدان :
البعد الأول : علمه بها .. علما شموليا وتفصيليا ، مستوعبا لأفرادها ، عارفا بحدودها ومواقعها ، وليس هذا محض ادعاء ، بل حقيقة ثابتة لم يكن يخفيها ، فلطالما أفصح عنها في خطب بليغة يلقيها على الملأ العظيم وفيهم كثير من الصحابة الذين عاشوا معه ومع الرسول ، وعرفوه وعرفوا غيره من الصحابة ، فمن ذلك قوله في كلام يصنف فيه رواة الحديث إلى أربع طبقات ، ثم يقول في مقارنة بينه وبين غيره من الصحابة : (وليس كل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من كان يسأله ويستفهمه ، حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأله عليهالسلام حتى يسمعوا ، وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه ، وحفظته) (١).
وفوق هذا قد كانت هناك عناية ربانية خاصة ترعاه ، فإذا أنزل الله تعالى قوله : (وتعيها أذن واعية) (٢) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي) فكان علي يقول : (ما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا فنسيته) (٣).
__________________
(١) نهج البلاغة : خ / ٢١٠.
(٢) سورة الحاقة ٦٩ : ١٢.
(٣) الشوكاني / فتح القدير ٥ / ٨٨٢ ، تفسير الطبري ٢٩ / ٥٥ ، تفسير الماوردي ٦ / ٨٠ ، تفسير القرطبي ١٨ / ١٧١.