أبي رية ، فقد رآه كثير من المحققين موقوفا على أبي سعيد ، وليس حديثا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا قول البخاري وآخرين (١).
بل ثبت عن أبي سعيد نفسه خلافه ، حين شهد أنه كان يكتب التشهد ـ تشهد الصلاة ـ عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
والثالثة : مقولة الدكتور محمد سلام مدكور.
إذ مثل لاختلاف الصحابة في فهم النص بما وقع بالنسبة لتدوين السنة ، لما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري : (لا تكتبوا عني غير القرآن ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار).
قال : فقد اتجه فقهاء الصحابة في ذلك إلى وجهتين متعارضتين :
* فريق منهم ، وكانت له الغلبة : فهموا أن ذلك نهي عام وليس قاصرا على كتاب الوحي! فامتنعوا عن تدوين السنة ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ... وقالوا : إن ما دونه بعض الصحابة منها إنما كان تدوينا مؤقتا حتى يحفظه ثم يمحى المكتوب بعد ذلك.
* بينما ذهب الفريق الآخر إلى أن ذلك كان خاصا بكتاب الوحي دون سواهم ، خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، بدليل أنه أباح الكتابة عند أمن الاختلاط ، كما ثبت في حديث عبد الله بن عمرو (٣) ..
وهذا التفصيل كله لا يقوم على حجة صحيحة ، بل الحجة الصحيحة تنقضه بكامله ، كما سنتابعه في الفقرات الآتية :
__________________
(١) أنظر : فتح الباري : ١ / ١٦٨ ، تدريب الراوي ٢ / ٦٣.
(٢) تقييد العلم : ٩٣.
(٣) مناهج الاجتهاد في الإسلام : ٨٥.