(خذوا شطر دينكم عن الحميراء).
والجواب : أن حديث (خذوا شطر دينكم ...) قال فيه الحافظ ابن حجر العسقلاني في تخريج ابن الحاجب : لا أعرف له إسنادا ، ولا رأيته في شئ من كتب الحديث إلا في (النهاية) لابن الأثير ، ذكره في مادة ح م ر ، ولم يذكر من خرجه.
وقال السخاوي : ورأيته أيضا في كتاب (الفردوس) لكن بغير لفظه ، وذكره من حديث أنس بغير إسناد أيضا ، ولفظه (خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء) وبيض له صاحب (مسند الفردوس) فلم يخرج له إسنادا ، وذكر الحافظ عماد الدين بن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه (١). انتهى.
وقال السيوطي : لم أقف عليه (٢).
وأما الحديث الآخر ، فعلى تقدير ثبوته فإن قصارى ما فيه إثبات أنها عالمة إلى حيث يؤخذ منها ثلثا الدين ، وهذا لا يدل على نفي العلم المماثل لعلمها عن بضعته عليه الصلاة والسلام ، ولعلمه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنها لا تبقى بعده زمنا معتدا به يمكن أخذ الدين منها فيه ، لم يقل فيها ذلك ، ولو علم لربما قال : خذو كل دينكم عن الزهراء ، وعدم هذا القول في حق من دل العقل والنقل على علمه لا يدل على مفضوليته ، وإلا لكانت عائشة أفضل من أبيها ، لأنه لم يرو عنه إلا قليل لقلة لبثه وكثرة غائلته بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
على أن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إني تركت فيكم الثقلين ، كتاب الله تعالى وعترتي ، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض) يقوم مقام ذلك الخبر وزيادة
__________________
(١) المقاصد الحسنة : ٣٢١ ح ٤٣٢.
(٢) مرقاة المفاتيح ٥ / ٦١٦.