منها ، والاغتراف من عطائها الثرّ والفيّاض الذي أبدع يراع العديد من أعلام الطائفة وعلمائها الكبار في تسطيرها وتنضيدها ، وبالشكل الذي أمست من خلاله تلك المؤلَّفات وأصحابها كالقمم الشاهقة التي لا يمتلك الكثير من المنصفين إلاّ الاِشارة إليها بإجلال وتقدير.
نعم ، لقد أمست مؤلَّفات الكليني والصدوق والمفيد والطوسي رحمهم الله وغيرهم من علماء الطائفة الكبار ـ الّذين لا تخفى أسماؤهم ، ويصعب في هذه العجالة حصرهم ـ شواخص مضيئة يسترشد بهديها سالكو الفجاج ، وماخرو عباب البحر على امتداد الدهور.
وإذا كانت لمؤلَّفات أُولئك الاَعلام الواسعة والمتخصّصة الباع الطويل في حفظ الكثير من تراث العترة الطاهرة لاَهل البيت عليهم السلام ونشره ، فإنّ لجملة واسعة من مؤلَّفاتهم الصغيرة والمتمثّلة بالرسائل المختلفة ـ فقهية كانت أم أخلاقية أم غير ذلك ـ الاَثر الكبير أيضاً في هذا المنحى المبارك والمقـدَّس.
ولعلّ الرسالة الماثلة (١) بين يدي القارىَ الكريم ـ على محدودية صفحاتها ـ تُعدّ بحقّ من تلك الكنوز الثمينة ، والآثار المباركة التي جادت بجمعها وإعدادها تلك النفوس الواعية التي أفرغت جهدها في خدمة الدين ، ونشر علومه.
نعم ، إنّ هذه الرسالة الاَخلاقية التي سطَّرها يراع واحد من علماء الطائفة المعروفين ، وهو الشيخ الفقيه محمّـد بن سعيد بن هبة الله الراوندي ، قد تضمّنت جملة من الاَحاديث الشريفة التي بلغت الاَربعين
__________________
(١) ذكرها له الطهراني في الذريعة ١ / ٤٢٣ رقم ٢١٧٣.