والقواعد الحقيقية للعقيدة الاِسلامية المباركة ، وبالشكل الذي لا يسع أحداً إلاّ الاِقرار به ، والتسليم بحقيقته رغم ما أحاط بالشيعة ومفكّريها ـ تبعاً لاَئمّتهم عليهم السلام ـ من التضييق والمصادرة والتقييد على طول العصور ، وبالاَخصّ منها عصور التناحر المذهبي الحادّ ، التي دأب على الترويج لها وتهويلها رموز السلطات الحاكمة ـ التي ابتليت بها الاَُمّة الاِسلامية على طول الدهور ـ والّذين كانوا يجدون في المراهنة على إشاعة التناحر والاختلاف الحادّ بين رجالات المذاهب الاِسلامية ودعاتها وسيلة ناجعة ومُجْدية في صرف أذهان عموم الاَُمّة عن تحسّـس حالات التردّي الفكري والعقائدي والاَخلاقي التي تتأطّر من خلالها حقيقة تلك الحكومات الفاسدة والمتعاقبة ، وهذا ما ليس بخاف على عموم الباحثين والمحقِّقين.
نعم ، إنّ واقع الحال المتكالب الذي أطبق بفكَّيْه الناتئين على عموم رجالات الشيعة ـ وبالاَخصّ مفكّريها ـ لم يقعد بهم عن حثّ الخُطى صوب مرافىَ الاَمان وسواحله الفارهة ، لينـأَوْا بالاَُمّة بعيداً عن عثرات التخبُّط والاضطراب ، بل وكان توجُّس أُولئك الاَعلام بحقيقة النيّات الباهتة والساقطة لاَركان الانحراف الكبرى ـ الهادفة إلى صرف الاَمّة عن تركيز قواعدها الفكرية ومتبـنّياتها العقائدية كما هو مطلوب منها ـ صائباً ودقيقاً إلى حدّ دفعهم للمزيد من الجهد المضاعف في رفد عملية البناء الفكرية هذه ، والتحليق بعيداً عن الشراك الخبيثة المبثوثة في خلل الطرق الممتدّة بامتداد التواصل الحياتي والمتداخل للعقيدة الاِسلامية المباركة.
ولا مغالاة في القول بأنّ الدهور المتعاقبة في حياة الطائفة قد خلَّفت الكثير من الجهود الكبيرة ، والبصمات الخالدة التي أمست ـ كواقع متسالم عليه ـ روافد خير وعطاء لا يسع المسترشدين بهدي هذه الشريعة إلاّ التزوّد