أَحَدٌ ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَنَا لَهُ. فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ. قَالَ: وَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَلْبَسَهُ دِرْعَهُ ذَاتَ الْفُضُولِ وَأَعْطَاهُ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ وَعَمَّمَهُ بِعِمَامَتِهِ السَّحَابِ عَلَى رَأْسِهِ تِسْعَةَ أَكْوَارٍ ـ ثُمَّ قَالَ لَهُ: تَقَدَّمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله وسلم لَمَّا وَلَّى: اللهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ـ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَمِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ. فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى عَمْرٍو فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ فَقَالَ عَمْرٌو : مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أَقِفُ مَوْقِفاً أُجْهَلُ فِيهِ ، أَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ ، فَمَنْ أَنْتَ قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: الْغُلَامُ الَّذِي كُنْتُ أَرَاكَ فِي حَجْرِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: نَعَمْ ـ قَالَ: إِنَّ أَبَاكَ كَانَ لِي صَدِيقاً وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَقْتُلَكَ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَكِنِّي لَا أَكْرَهُ أَنْ أَقْتُلَكَ ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَعَلَّقْتَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَعَاهَدْتَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ لَا يُخَيِّرَكَ رَجُلٌ بَيْنَ ثَلَاثِ خِلَالٍ إِلَّا اخْتَرْتَ مِنْهَا خَلَّةً قَالَ: صَدَقُوا. قَالَ إِمَّا أَنْ تَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ ، قَالَ: لَا تَحَدَّثُ بِهَا قُرَيْشٌ. قَالَ: أَوْ تَدْخُلَ فِي دِينِنَا ـ فَيَكُونَ لَكَ مَا لَنَا وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْنَا ، قَالَ وَلَا هَذِهِ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَأَنْتَ فَارِسٌ وَأَنَا رَاجِلٌ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ ـ وَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنْ أَحَدٍ مَا لَقِيتُ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ!!! ثُمَّ ضَرَبَ وَجْهَ فَرَسِهِ فَأَدْبَرَتْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى عَلِيٍّ ، وَكَانَ رَجُلاً طَوِيلاً ـ يُدَاوِي دَبَرَ الْبَعِيرَةِ وَهُوَ قَائِمٌ ـ وَكَانَ عَلِيٌّ فِي تُرَابٍ دَقٍ (١) لَا يَثْبُتُ قَدَمَاهُ عَلَيْهِ ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ يَنْكُصُ إِلَى وَرَائِهِ يَطْلُبُ جَلَداً مِنَ الْأَرْضِ ـ يُثْبِتُ قَدَمَيْهِ وَيَعْلُوهُ عَمْرٌو بِالسَّيْفِ وَكَانَ فِي دِرْعِ عَمْرٍو قِصَرٌ ـ فَلَمَّا تَشَاكَّ بِالضَّرْبَةِ (٢) تَلَقَّاهَا عَلِيٌّ بِالتُّرْسِ ـ فَلَحِقَ ذُبَابُ السَّيْفِ فِي رَأْسِ عَلِيٍّ ، حَتَّى قَطَعَتْ تِسْعَةَ أَكْوَارٍ ـ حَتَّى خَطَّ السَّيْفُ فِي رَأْسِ عَلِيٍّ ، وَتَسَيَّفَ (٣) عَلِيٌّ رِجْلَيْهِ بِالسَّيْفِ مِنْ أَسْفَلَ ـ فَوَقَعَ عَلَى قَفَاهُ فَثَارَتْ
__________________
(١ ـ ٢) كَذَا.
(٣) مِنْ قَوْلِهِ: «حَتَّى قَطَعَتْ سَبْعَةَ أَكْوَارٍ ـ إِلَى قَوْلِهِ: ـ فِي رَأْسِ عَلِيٍّ» مَأْخُوذٌ مِنَ النُّسْخَةِ الْيَمَنِيَّةِ.
وَغَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النُّسْخَةِ الْكِرْمَانِيَّةِ ، وَتَسَيَّفَ رِجْلَيْهِ. جَزَّهُمَا وَقَطَعَهُمَا بِالسَّيْفِ.