بَيْنَهُمَا عَجَاجَةٌ فَسُمِعَ عَلِيٌّ يُكَبِّرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم: قَتَلَهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ـ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ ابْتَدَرَ الْعَجَاجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِذَا عَلِيٌّ يَمْسَحُ سَيْفَهُ بِدِرْعِ عَمْرٍو ، فَكَبَّرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (١) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَتَلَهُ. فَحَزَّ عَلِيٌّ رَأْسَهُ ـ ثُمَّ أَقْبَلَ يَخْطُرُ فِي مِشْيَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم: يَا عَلِيُّ إِنَّ هَذِهِ مِشْيَةٌ يَكْرَهُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم لِعَلِيٍّ: مَا مَنَعَكَ مِنْ سَلَبِهِ فَقَدْ كَانَ ذَا سَلَبٍ (٢) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّهُ تَلَقَّانِي بِعَوْرَتِهِ ـ فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله وسلم: أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَلَوْ وُزِنَ الْيَوْمَ عَمَلُكَ ـ بِعَمَلِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ لَرَجَحَ عَمَلُكَ بِعَمَلِهِمْ ـ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا وَقَدْ دَخَلَهُ وَهْنٌ بِقَتْلِ عَمْرٍو ، وَلَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَقَدْ دَخَلَهُ عِزٌّ بِقَتْلِ عَمْرٍو.
__________________
(١) كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْيَمَنِيَّةِ ، وَهَاهُنَا كَانَ بَيَاضٌ بِسَعَةِ خَمْسِ كَلِمَاتٍ فِي النُّسْخَةِ الْكِرْمَانِيَّةِ.
(٢) كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْيَمَنِيَّةِ ، وَفِي النُّسْخَةِ الْكِرْمَانِيَّةِ: «مَا مَنَعَكَ مِنْ سَلَبِهِ وَكَانَ ذُو سَلَبٍ ...». وَفِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ مَجْمَعِ الْبَيَانِ: ج ٨ ـ ٣٤٣ نَقْلاً عَنِ السَّيِّدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيِّ الْقَائِنِيِّ عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحَسْكَانِيِّ: فَحَزَّ عَلِيٌّ رَأْسَهُ وَأَقْبَلَ نَحْوَ رَسُولِ اللهِ وَوَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هَلَّا اسْتَلَبْتَهُ دِرْعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْعَرَبِ دِرْعٌ خَيْرٌ مِنْهَا! فَقَالَ: ضَرَبْتُهُ فاتَّقَانِي بِسَوْأَتِهِ فَاسْتَحْيَيْتُ ابْنَ عَمِّي أَنْ أَسْتَلِبَهُ!!! قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَلَوْ وُزِنَ الْيَوْمَ عَمَلُكَ بِعَمَلِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ لَرَجَحَ عَمَلُكَ بِعَمَلِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا وَقَدْ دَخَلَهُ وَهْنٌ بِقَتْلِ عَمْرٍو ، وَلَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَقَدْ دَخَلَهُ عِزٌّ بِقَتْلِ عَمْرٍو.
قَالَ الطَّبْرِسِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّهُ قَالَ: ضَرَبَ عَلِيٌّ ضَرْبَةً مَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ أَعَزَّ مِنْهَا ، يَعْنِي ضَرْبَةَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ ، وَضُرِبَ عَلِيٌّ ضَرْبَةً مَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ ضَرْبَةٌ أَشْأَمَ مِنْهَا يَعْنِي ضَرْبَةَ ابْنِ مُلْجَمٍ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ: سَأَلْتُ الْبِرْقَانِيَّ عَنْ لُؤْلُؤٍ الْقَيْصَرِيِّ فَقَالَ: كَانَ خَادِماً حَضَرَ مَجْلِسَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَعَلِقَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ. فَقُلْتُ: كَيْفَ حَالُهُ قَالَ: لَا أُخْبِرُهُ. ثُمَّ قَالَ الْخَطِيبُ: قُلْتُ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ شُيُوخِنَا يَذْكُرُهُ إِلَّا بِالْجَمِيلِ.