العرب في أشعارها وأمثالها وألّا يشذَّ عنه منها شيء».
«قلت : قد أشكل معنى هذا الكلام على كثيرٍ من الناس حتى توهَّم بعض المتحذلقين ان الخليل لم يفِ بما شرط ، لأنه أهمل من كلام العرب ما وجد في لغاتهم مستعملاً».
«وقال أحمد البشتي الذي ألَّف كتاب التكملة : نَقَضَ الذي قاله الخليل ما أودعناه كتابنا هذا أصلاً ، لأن كتابنا يشتمل على ضعفي كتاب الخليل ويزيد ، وسترى تحقيق ذلك إِذا حزتَ جملته وبحثت عن كنهه».
«قلتُ : ولما قرأتُ هذا الفصل من كتاب البشتي استدللت به على غفلته وقلة فطنته وضعف فهمه ، واشتففت انه لم يفهم عن الخليل ما أراده ولم يفطن للذي قصده ، وإنما أراد الخليل ـ رحمه الله ـ أنَّ حروف «أ. ب. ت. ث» عليها مدار جميع كلام العرب ، وانه لا يخرج شيء منها عنها ، فأراد بما ألَّف منها معرفة جميع ما يتفرع منها إلى آخره ، ولم يرد انه حصل جميع ما لفظوا به من الألفاظ على اختلافها ..» (٦٧).
هذه مقتبسات وافية من صفحات طويلة سوَّدها الأزهري ليثبت بها صحة طعنه بكتاب التكملة ومؤلفه الخارزنجي البشتي ، ولكنه ـ على الرغم من كل ذلك التطويل ـ لم يستطع أنْ يكون علمياً وموضوعياً في نقده وطعنه بهذا الرجل ، فبان سوء القصد والغرض جلياً صارخاً أمام كل قارىء له أدنى مسكة من المعرفة والاطلاع ، وتجلَّتْ ألفاظ التجريح والتحامل حاملة الدليل القاطع على عدم سلامة النية في هذا البحث.
وما أدري كيف صار الرجوع إلى كتب السلف والنقل عنها من غير سماع
__________________
(٦٧) التهذيب : ١ / ٥٢ ـ ٥٣.