الصّراط ، ووقع الأمر على يد اللّئام والطّعاة ، وبَعُد عن الحقِّ الطّريق الذي سَلَكوه والمَهيمَعُ الباطلُ الّذي اخترعوه ، وخَمَلَ الهُدى ، وشَمِلَ الكفرُ والعَمى ، وعُصي الرّحمن ونُصِرَ الشّيطان ، ووقع كلّ ذلك باسم الدّين وتحت لِواء الإسلام وشريعة سيّد الأنام عليه أفضل الصّلاة والسّلام ، والنّاس جُلّهم في النّيام ، وكانت زيارة قبورهم والبكاء عليهم عليهمالسلام عِلّةً مبقية لِلدِّين ، وبكِليهما صار جند ـ الباطل مُنهزماً ، وجَبَلٌ الكفر والعِناد خاشعاً متصدعاً ، وأصحَبَ في القِياد من كان متمنّعا ، لأنَّ في الحقيقة مَزاراتهم كالشُّموس الطّالعة والأنوار السّاطعة ، أو العيون الغَزيرة ، أو الرِّياض الباسِمة ، ومع أن يحسب جُلّها من المقابر وبعضها من المآتم ، لكن كلّها معطّر الرَّوائح والنَّسمات بما كانت فيها من الأدعية والآداب.
فزائرهم بلغت نفسه المطمئنّة من السّعادة ما طلبت ، وإن كانت مريضةً تَداوَت وانقلبَت ، وإلى مَرضاة الله تَقَرَّبَت.
فبتَحضيض النُّفوس على زيارتهم والبُكاء عليهم ورَغبة النّاس إليهما انهدَمت أركان الكفر ، وأُسِرَت جُنوده ، وخَمدت نِيرانه وأوارُه ، وزَلزَلَت بُنيانه ، لأنَّ الزَّائر عند الزِّيارة يقول : « أشهَدُ أنَّكَ قَد أقَمتَ الصَّلاةَ ، وآتَيتَ الزَّكاةَ ، وأمَرتَ بالمعروفِ ، ونَهيتَ عَنِ المنكَرِ ، ودَعَوتَ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكمةِ وَالموعظةِ الحَسَنَةِ ، وأشهَدُ أنَّ قاتِليكَ في النارِ ، أدِينُ اللهَ بالبَراءَة ممَّن قاتَلَكَ وممَّن قَتَلَكَ ـ إلى قوله ـ يا لَيتَني كُنتُ مَعَكُم فأفوزَ فوزاً عظيماً »
ويخاطبهم ويقول : « أنتُمُ السبيلُ الأعظم ، والصِّراطُ الأقوَم ، والدُعاةُ إلى الله ، والأدِلّاءُ على مَرضاته ، والمستقرِّين في أمره ، والتأمِّين في مَحبَّته ، والمُخلِصِين في طاعَته ، والمُظهِرينَ لأمرِه ، ونَهيِهِ ، أُشهِدُكم أنّي مُؤمِنٌ بِكُم وبما آمَنتُم به ، كافِرٌ بِعَدُوِّكُم وبما كَفَرتُم بِهِ ، مُستَبصِرٌ بِشَأنِكُم وبِضَلالَةِ مَن خالَفَكُم ، وووو.
وَفي الإشَارَةِ مَا يُغني عَنِ الكَلِمِ
فتلك الحقائق الرَّاهِنة تسوق الزَّائر إلى مَهيَع الحقّ الصَّميم ، وتُرشِده إلى ـ