قص القاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تتبُّع الشَّىء. من ذلك قولهم : اقتصَصْتُ الأثَر ، إذا تتبَّعتَه (١). ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص فى الجِراح ، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلِه بالأوّل ، فكأنَّه اقتصَ أثره. ومن الباب القِصَّة والقَصَص ، كلُّ ذلك يُتَتبَّع فيذكر. وأمَّا الصَّدر فهو القَصُ ، وهو عندنا قياسُ الباب ، لأنَّه متساوى العِظام ، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر.
ومن الباب : قَصَصت الشّعر ، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بين كلِّ شعرةٍ وأُخْتِها ، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأخرى مُسَاويةٌ لها فى طريقها. وقُصَاص الشَّعر : نهايةُ مَنْبِته من قُدُمٍ (٢) ، وقياسُه صحيح. والقُصَّة : النَّاصية. [و] القَصِيصية من الإبل : البعير يقُصُ أثَرَ الرِّكاب. وقولهم : ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه ، أى أدناه ، من الموت. وهذا معناه أنَّه يقُصُ أثَرَ المنيَّة. وأقصَ فلاناً السُّلطانُ [من فلان (٣)] ، إذا قتله قَوَدا.
وأمَّا قولُهم : أَقَصَّت الشّاةُ : استبانَ حَمْلُها ، فليس من ذلك. وكذلك القَصْقاص ، يقولون : إنّه الأسد. والقُصقُصَة : الرَّجل القصير : والقَصِيص : نبتٌ. كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور (٤).
__________________
(١) فى الأصل : «إذا تبعد».
(٢) من قدم أى قدام ، وكذا وردت فى المجمل. وفى الأصل : «قدوم» ، تحريف.
(٣) تكملة ضرورية ليستقيم الكلام. والعبارة فى المجمل محرفة كعبارة الأصل ، ففيه : «وأقاد فلان فلانا وأقصه ، إذا قتله قودا» ، صوابه «أقاد فلان فلانا من فلان».
(٤) فى اللسان عند الكلام على القصيص : «قال أبو حنيفة : زعم بعض الناس أنه إنما سمى قصيصا لدلالته على الكمأة كما يقتص الأثر».