ومعنى مجيء الملائكة هو مجيئهم لقبض أرواحهم. ومعنى إتيان الله : إتيان ما وعد به من نصر أنصاره وأوعد به من تعذيب أعدائه في الدنيا ، والمراد من مجيء بعض آيات الله : حدوث بعض الحوادث القاهرة الموجبة للإيمان الاضطراري.
وكان مشركو مكة قد طلبوا نزول الملائكة وإتيان الله أو رؤيته ، كما حكى القرآن : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ ، أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان ٢٥ / ٢١]. (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) [الإسراء ١٧ / ٩٢] وطلبوا أيضا إنزال بعض آيات الله مثل (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء ١٧ / ٩٢].
وقوله (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) هل يدل على جواز المجيء والغيبة على الله؟ أجيب بأن هذا حكاية عن الكفار ، واعتقاد الكافر ليس بحجة ، أو أن هذا مجاز ، مثل قوله تعالى. (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) [النحل ١٦ / ٢٦] وذلك لقيام الدلائل القاطعة على أن المجيء والغيبة على الله تعالى محال.
وفي هذه الآية إيماء إلى تماديهم في تكذيب آيات الله ، وعدم الاعتداد بها.
ثم وجّه الحق تعالى إنذارا أخيرا لهم بقوله : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ...) أي يوم تأتي الآيات الملجئة للإيمان الاضطراري لا ينفع حينئذ الإيمان مثل إيمان فرعون حينما أحدق به الغرق ، كما لا ينفعها توبة لم تكن حدثت في وقت السعة قبل الغرغرة.
وبعض هذه الآيات قد يحدث قبل خروج الروح ، أو قبيل يوم القيامة حين ظهور أمارات الساعة وأشراطها ، كما قال البخاري في تفسير هذه الآية ، فيما أخرجه هو والجماعة إلا الترمذي عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال