واختار ابن عباس والزجاج وكثير من العلماء تفضيل المؤمنين على الملائكة. وأما هذه الآية أو الواقعة : (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) فكانت قبل النبوة.
ودلت آية : (لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) على أن كشف العورة من المنكرات ، وأنه لم يزل مستهجنا في الطباع ، مستقبحا في العقول ، وأن الله أوجب ستر العورة ، ولذلك ابتدر آدم وحواء إلى سترها ، فمن دعا إلى كشف العورات سواء عند الرجال أو النساء فقد هتك ستر الحياء ، وأعاد الإنسان إلى البدائية الهمجية ، وجعل المرأة سلعة للمتعة والتسلية ولم يرع صون العرض الذي أمر به الدين واقتضته الفطرة السليمة ، وكان صنيعه مثل الشيطان : (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما).
وكان ترغيب إبليس لآدم في مجموع الأمرين : الاتصاف بصفات الملائكة ، والخلود من غير موت البتة.
وكانت عقوبة آدم وحواء على المخالفة هي الهبوط إلى الأرض ، أما عقاب الآخرة فقد أسقطه الله تعالى بالعفو عنهما وبقبول توبتهما. وقد اختار الرازي أن هذا الذنب إنما صدر عن آدم قبل النبوة.
وأما آية : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ..) فدلت على أمرين :
١ ـ وجود العداوة الدائمة بين الإنسان والشيطان ، ولما كانت العمدة في العداوة آدم وإبليس ، قال تعالى في سورة طه : (اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً) [١٢٣].
٢ ـ توقيت بقاء الإنسان في الدنيا ، بحسب الأجل من الميلاد إلى الوفاة ، وفي الأرض يعيش الإنسان وذلك نعمة عظمي ، لأنها موضع قرار واستقرار ، واستمتاع بزخارف الحياة ، وتنعم بمختلف نعم الحياة ، ثم يأتي الموت ، ثم يأتي البعث والإخراج من القبور ، ثم يكون الحساب والجزاء في عالم الآخرة.