القيام بواجبه الديني والدنيوي ، فإن أدى الإسراف إلى المنع من القيام بالواجب حرم ، وكان في عداد المسرفين الذين يعاقبهم الله تعالى.
ومن الإسراف : تحريم ما لم يحرمه الله على الناس. وقد أنكر الله على من حرّم من تلقاء نفسه من الزينة وهي الملبس الحسن ، ما لم يحرّمه الله على أحد. ودلت آية : (قُلْ : مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) على مشروعية لباس الرفيع من الثياب ، والتجمّل بها في الجمع والأعياد ، وعند لقاء الناس ومزاورة الإخوان. قال أبو العالية : كان المسلمون إذا تزاوروا تجمّلوا. وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب أنه رأى حلّة سيراء (١) تباع عند باب المسجد ، فقال : يا رسول الله ، لو اشتريتها ليوم الجمعة وللوفود إذا قدموا عليك؟ فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة» فما أنكر عليه ذكر التجمّل ، وإنما أنكر عليه كونها سيراء.
وروى الترمذي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده».
وليس لبس الخشن من الثياب سببا في زيادة التقوى ، بالتذرع بقوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) فإن كبار الصالحين كانوا يتجملون بالثياب الجياد للجمعة والعيد ولقاء الإخوان ، ولم يكن تخير الأجود قبيحا عندهم ، وقد اشترى تميم الداري حلّة بألف درهم ، كان يصلي فيها ، وكان مالك بن دينار يلبس الثياب العدنية الجياد. وروى مسلم عن ابن مسعود في النظافة وتحسين الهيئة : «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر ، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر : بطر الحق ، وغمط الناس».
__________________
(١) سيراء : نوع من البرود فيه خطوط صفر ، أو يخالطه حرير.