بتعليلات مجملها أنهم كانوا كافرين ، وتفصيلها ووصف أحوالهم : أنهم اتخذوا دينهم لهوا أولا ، ثم لعبا ثانيا ، ثم غرتهم الحياة الدنيا ثالثا ، ثم صار عاقبة هذه الأحوال أنهم جحدوا بآيات الله ، وذلك يدل على أن حب الدنيا مبدأ كل آفة ، كما قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البيهقي عن الحسن مرسلا ، وهو ضعيف : «حب الدنيا رأس كل خطيئة».
وأما من الناحية الفقهية بالمعنى الخاص فقد دلت الآية الأولى على أن سقي الماء من أفضل الأعمال. وقد سئل ابن عباس : أي الصدقة أفضل؟ فقال : الماء ، ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة : (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ ، أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ). وروى أبو داود أن سعدا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «أي الصدقة أعجب إليك؟ قال : الماء» فدل على أن سقي الماء من أعظم القربات عند الله تعالى. وقد قال بعض التابعين : من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء. وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب فيما رواه البخاري عن أبي هريرة ، فكيف بمن سقى رجلا مؤمنا موحدا وأحياه؟!
وفي حديث عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه ابن ماجه في السنن ـ عن النبيصلىاللهعليهوسلم: «من سقى مسلما شربة من ماء حيث يوجد الماء ، فكأنما أعتق رقبة ، ومن سقى مسلما شربة من ماء حيث لا يوجد الماء فكأنما أحياها».
واستدل بهذه الآية من قال : إن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه ، وأن له منعه ممن أراده ؛ لأن معنى قول أهل الجنة : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) لا حق لكم فيها. وروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده لأذودنّ رجالا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض» قال المهلّب : لا خلاف أن صاحب الحوض أحق بمائه ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : «لأذودنّ رجالا عن حوضي».